المتلقيان : هما ملكان جعلهما الله لكل إنسان ، ليكتبا أعماله من خير وشر ، عن اليمين وعن الشمال .
قعيد : بمعنى مقاعد ، كالجليس بمعنى المجالس .
17- { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } .
اذكر حين يتلقى الملكان الحفيظان ما يفعله الإنسان فيسجلان عليه أفعاله .
وقد ورد في تفاسير الزمخشري ، والقرطبي ، والبيضاوي ، وروى ابن أبي حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كاتب الحسنات على يمين الرجل ، وكاتب السيئات على يسار الرجل ، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات ، فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا ، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال : دعه سبع ساعات ، لعله يسبح أو يستغفر ) .
{ عن اليمين وعن الشمال قعيد } .
والقعيد من يقعد معك ، فملك الحسنات قعيد على اليمين ، وملك السيئات قعيد على الشمال ، والأصل أن يقال : عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد ، فحذفت من الأولى لدلالة الثانية عليها ، فالملائكة تسجل على الإنسان الحسنات والسيئات ، والله تعالى قد أحاط بكل شيء علما ، لكنه سبحانه أراد أن يعلم الإنسان ، أن كل شيء مسجل ومكتوب ، وفي إحصاء دقيق لا ينسى .
كما قال سبحانه : { أحصاه الله ونسوه . . . } ( المجادلة : 6 ) .
وقال عز شأنه : { ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما علموا حاضرا ولا يظلم ربكم أحدا } . ( الكهف : 49 ) .
لم لا أنوح وأندب *** وجميع جسمي مذنب
نفسي لقبح فعالها *** بين الورى تتأدب
وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال ، فيجلهم ويوقرهم ، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه ، مما لا يرضي رب العالمين ، ولهذا قال : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } أي : يتلقيان عن العبد أعماله كلها ، واحد { عَنِ الْيَمِينِ } يكتب الحسنات { و } الآخر { عن الشِّمَالِ } يكتب السيئات ، وكل منهما { قَعِيدٌ } بذلك متهيئ لعمله الذي أعد له ، ملازم له{[825]} .
قوله تعالى : { إذ يتلقى المتلقيان } أي : يتلقى ويأخذ الملكان بالإنسان عمله ومنطقه يحفظانه ويكتبانه ، { عن اليمين وعن الشمال } أي : أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ، فالذي عن اليمين يكتب الحسنات ، والذي عن الشمال يكتب السيئات . { قعيد } أي : قاعد ، ولم يقل : قعيدان ، لأنه أراد : عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد فاكتفى بأحدهما عن الآخر ، هذا قول أهل البصرة . وقال أهل الكوفة : أراد : قعوداً ، كالرسول يجعل للاثنين والجمع ، كما قال الله تعالى في الاثنين : { فقولا إنا رسول رب العالمين } ( الشعراء-16 ) ، وقيل : أراد بالقعيد الملازم الذي لا يبرح ، لا القاعد الذي هو ضد القائم . وقال مجاهد : القعيد الرصيد .
ولما كان سبحانه قد وكل بنا حفظة تحفظ أعمالنا وتضبط أقوالنا وأحوالنا ، فكان المعروف لنا أن سبب الاستحفاظ خوف الغفلة والنسيان ، قدم سبحانه الإخبار بكمال علمه فأمن ذلك المحذور ، علق بأقرب أو نعلم قوله تأكيداً لما علم من إحاطة علمه من عدم حاجته ، وتخويفاً بما هو أقرب إلى مألوفاتنا { إذ } أي حين { يتلقى } أي بغاية الاجتهاد والمراقبة والمراعاة من كل إنسان خلقناه وأبرزناه إلى هذا الوجود { المتلقيان } وما أدراك ما هما ؟[ هما-{[61155]} ] ملكان عظيمان حال كونهما { عن اليمين } لكل إنسان قعيد منهما-{[61156]} { وعن الشمال } كذلك { قعيد * } أي رصد وحبس مقاعد لذلك الإنسان بأبلغ{[61157]} المقاعدة ونحن أقرب منهما وأعلم علماً ، وإنما استحفظناهما لإقامة الحجة بهما على مجاري عاداتكم وغير ذلك من الحكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.