تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

المفردات :

وقد أخذ ميثاقكم : قيل : هو الميثاق الأول وهم في ظهر آدم ، بأن الله ربكم لا إله لكم سواه ، وقيل : الميثاق هو أنه منحكم العقول ، ونصب لكم الأدلة ، ومكنكم من النظر فيها .

التفسير :

8- { وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } .

أي شيء يمنعكم من الإيمان بالله ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم قائم بينكم بالدعوة التوضيح ، والحث على الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ؟

{ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ . . . . }

ركب الله فيكم العقول والأفكار ، وأودع فيكم التأمل والنظر ، وحثكم على استخدام الفكر والرأي ، واللب والفؤاد ، وبذلك ينتقل الإنسان إلى شاهد على أن هذا الكون لم يُخلق سدى ، ولن يترك عبثا ، وأن وراء الكون البديع يد الله المبدع الخالق .

قال الشاعر :

وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه الواحد

وقيل : معنى : وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ . . . .

إشارة إلى عهد الله على بني آدم ، حين أخذ الذرية من ظهر آدم عليه السلام ، وأخذ عليها العهد والميثاق أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .

وإلى ذلك أشار القرآن الكريم بقوله : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا . . . } ( الأعراف : 172 ) .

{ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } .

إن كنتم مؤمنين في وقت من الأوقات ، فالآن أحرى الأوقات ، لقيام الحجج والبراهين عليكم .

أخرج البخاري في كتاب الإيمان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : " أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا " ؟ قالوا : الملائكة . قال : " وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم " ؟ قالوا : فالأنبياء . قال : " وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم " ؟ قالوا : فنحن . قال : " وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟ ولكن أعحب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم ، يجدون صحفا يؤمنون بما فيها " 9

قال ابن كثير :

وقوله تعالى : { وقد أخذ ميثاقكم } .

كما قال تعالى : { واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا . . . } ( المائدة : 7 ) .

ويعني بذلك بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

ميثاقكم : عهدكم .

ومالكم لا تؤمنون بالله والرسولُ يدعوكم إلى ذلك ويحثّكم عليه ! إنه يبين لكم الحججَ والبراهين على صحة ما جاءكم به ، وقد أخذ الله عليكم الميثاقَ بالإيمان من قبلُ { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } .

قراءات :

قرأ أبو عمرو : وقد أُخذ ميثاقكم بضم همزة اخذ ورفع ميثاقكم . والباقون : وقد أخذ ميثاقكم بفتح الهمزة ونصب ميثاقكم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

وقوله { وقد أخذ ميثاقكم } أي حين أخرجكم من ظهر آدم عليه السلام بأن الله ربكم لا اله لكم سواه { إن كنتم مؤمنين } أي ان كنتم على أن تؤمنوا يوما من الأيام

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

قوله تعالى : " وما لكم لا تؤمنون بالله " استفهام يراد به التوبيخ . أي أي عذر لكم في ألا تؤمنوا وقد أزيحت العلل ؟ " والرسول يدعوكم " بين بهذا أنه لا حكم قبل ورود الشرائع . قرأ أبو عمرو : " وقد أُخذ ميثاقكم " على غير مسمى الفاعل . والباقون على مسمى الفاعل ، أي أخذ الله ميثاقكم . قال مجاهد : هو الميثاق الأول الذي كان وهم في ظهر آدم بأن الله ربكم لا إله لكم سواه . وقيل : أخذ ميثاقكم بأن ركب فيكم العقول ، وأقام عليكم الدلائل والحجج التي تدعو إلى متابعة الرسول " إن كنتم مؤمنين " أي إذ كنتم . وقيل : أي إن كنتم مؤمنين بالحجج والدلائل . وقيل : أي إن كنتم مؤمنين بحق يوما من الأيام ، فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والأعلام ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم فقد صحت براهينه . وقيل : إن كنتم مؤمنين بالله خالقكم . وكانوا يعترفون بهذا . وقيل : هو خطاب لقوم آمنوا وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ميثاقهم فارتدوا . وقوله : " إن كنتم مؤمنين " أي إن كنتم تقرون بشرائط الإيمان .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

ولما رغب في الإنفاق والإيمان ، وكان الإيمان مقتضى بالإنفاق ، عجب ممن لا يبادر إلى الحاصل على كل خير ، فقال مفصلاً لما أجمل من الترغيب فيهما ، بادئاً بأبين كل خير ، منفساً عنهم بالتعبير بأداة الاستقبال بالبشارة بالعفو عن الماضي مرهباً موبخاً لمن لا يبادر إلى مضمون ما دخل عليه الاستفهام ، عاطفاً على ما تقديره : فما لكم لا تبادرون إلى ذلك : { وما } أي وأيّ شيء { لكم } من الأعذار أو غيرها في أنكم ، أو حال كونكم { لا تؤمنون بالله } أي تجددون الإيمان - أي تجديداً مستمراً - بالملك الأعلى أي الذي له الملك كله والأمر كله بعد سماعكم لهذا الكلام : لأن " لا " لا تدخل على مضارع إلا وهو بمعنى الاستقبال ، ولو عبر بعبارة تدل على الحال لربما تعنت متعنت فقال : فأت ما طلب منا ، والذي بعد هذا من الحال التي هي في معنى دالة على هذا ، وهي قوله : { والرسول } أي والحال أن الذي له الرسالة العامة { يدعوكم } صباحاً ومساء على ما له من مقتضيات القبول منه من حسن{[62394]} السمت وجلالة القدر وإظهار الخوارق وغير ذلك { لتؤمنوا } أي لأجل أن تجددوا الإيمان { بربكم } أي الذي أحسن تربيتكم بأن جعلكم من أمة هذه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وشرفكم به { وقد } أي والحال أنه قد { أخذ ميثاقكم } أي وقع أخذه فصار{[62395]} في غاية القباحة{[62396]} ترك ما وقع التوثق بسببه بنصب الأدلة والتمكين{[62397]} من النظر بإبداع العقول ، وذلك كله منضم إلى أخذ الذرية من ظهر آدم عليه الصلاة والسلام وإشهادهم على أنفسهم وإشهاد الملائكة عليهم ، وبنى الفعل للمفعول في قراءة أبي عمرو ليكون المعنى أيّ آخذ كان لأن الغدر عند الكرماء شديد من غير نظر إلى معين لا سيما العرب فكيف إذا كان الآخذ الملك الأعظم القادر على كل شيء العالم بكل شيء ، ورسوله الذي تعظيمه من تعظيمه ، كا صرحت به قراءة الجماعة بالبناء للفاعل ولا يخفى الإعراب ، والحاصل أنهم نقضوا الميثاق في الإيمان ، فلم يؤاخذهم حتى أرسل الرسل .

ولما حثهم على تجديد الإيمان على سبيل الاستمرار بالتعجب من ترك ذلك ، وكان كل واحد يدعي العراقة في الخير ، هيجهم وألهبهم بقوله : { إن كنتم } أي جبلة ووصفاً ثابتاً { مؤمنين * } أي عريقين في وصف الإيمان ، وهو الكون على نور الفطرة الأولى .


[62394]:- من ظ، وفي الأصل: جنس.
[62395]:- زيد من ظ.
[62396]:-زيد من ظ.
[62397]:- من ظ، وفي الأصل: التمكن.