قوله تعالى : { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ } .
مبتدأ وخبر وحال : أي : أي شيء استقر لكم غير مؤمنين{[55222]} .
قال القرطبي{[55223]} : «هذا استفهام يراد به التوبيخ ، أي : أي عذر لكم في ألا تؤمنوا وقد أزيحت العلل » . { والرسول يَدْعُوكُمْ } .
فقوله : { والرسول يَدْعُوكُمْ } جملة حالية من ضمير «تؤمنون »{[55224]} .
قال الزمخشري{[55225]} : «فهما حالان متداخلان » .
و«لتؤمنوا » متعلق ب «يدعو » أي : يدعوكم للإيمان ، كقولك : «دعوته لكذا » .
ويجوز أن تكون «اللام » للعلة ، أي : يدعوكم إلى الجنة وغفران الله لأجل الإيمان .
وهذه الآية تدل على أنه لا حكم قبل ورود الشرع .
قوله : { وَقَدْ أَخَذَ } . حال أيضاً{[55226]} .
وقرأ العامة : «أخَذ » مبنيًّا للفاعل ، وهو الله - تعالى - لتقدّم ذكره .
وقرأ أبو عمرو{[55227]} «أُخِذَ » مبنيًّا للمفعول ، حذف الفاعل للعلم به .
و«ميثاقكم » منصوب في قراءة العامة ، ومرفوع في قراءة أبي عمرو .
و«إن كنتم » جوابه محذوف ، تقديره : فما يمنعكم من الإيمان .
وقيل : تقديره : إن كنتم مؤمنين لموجب ما رتبه ، فهذا هو الموجب{[55228]} .
وقدره ابن عطية{[55229]} : إن كنتم مؤمنين فأنتم في رتبة شريفة .
فصل في المراد بهذا الميثاق{[55230]}
قال مجاهد : المراد بالميثاق هو المأخوذ عليهم حين أخرجهم من ظهر آدم ، وقال : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى } [ الأعراف : 172 ] .
قال ابن الخطيب{[55231]} : وهذا ضعيف ؛ لأنه - تعالى - إنما ذكر أخذ الميثاق ليكون ذلك سبباً في أنه لم يبق لهم عُذْر في ترك الإيمان بعد ذلك ، وأخذ الميثاق وقت إخراجهم من ظهر آدم غير معلوم للقوم إلاَّ بقول الرسول .
فقبل معرفة تصديق الرسول لا يكون ذلك سبباً في وجوب تصديق الرسول بل المراد بأخذ الميثاق نصب الدلائل والبينات ، بأن ركب فيهم العقول ، وأقام عليهم الحُجج والدلائل التي تدعو إلى متابعة الرَّسُول ، وهذا معلوم لكل أحد ، فيكون سبباً لوجوب الإيمان بالرسول .
قال القاضي{[55232]} : قوله : { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ } يدل على قدرتهم على الإيمان ، إذ لا يجوز أن يقال ذلك لمن لا يتمكن من الفعل كما لا يقال : ما لك لا تطول ولا تبيض ، فيدل هذا على أن الاستطاعة قبل الفعل ، وعلى أن القدرة صالحة للضدين ، وعلى أن الإيمان حصل بالعبد لا بخلق الله .
قوله : { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي : إذْ كنتم مؤمنين .
وقيل : إن كنتم مؤمنين بالحجج والدليل .
وقيل : إن كنتم مؤمنين بحق يوماً من الأيام ، فالآن فقد صحت براهينه .
وقيل : إن كنتم مؤمنين بأن الله خلقكم كانوا يعترفون بهذا .
وقيل : هذا خطاب لقوم آمنوا ، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ميثاقهم فارتدوا{[55233]} .
وقوله : { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } أي : كنتم تقرُّون بشرائط الإيمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.