الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

قوله : { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ } : مبتدأ وخبرٌ ، وحالٌ ، أي : أيُّ شيءٍ استقر لكم غيرَ مؤمنين ؟

وقوله : { وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ } جملةٌ حاليةٌ من " يُؤمِنون " . قال الزمخشري : " فهما حالان متداخلان و " لِتُؤْمنوا " متعلِّقٌ ب " يَدْعو " أي : يدعوكم للإِيمان كقولك : دَعَوْتُه لكذا . ويجوزُ أَنْ تكونَ اللامُ للعلةِ ، أي : يدعوكم إلى الجنةِ وغفرانِ اللهِ لأجلِ الإِيمانِ . وفيه بُعْدٌ .

قوله : { وَقَدْ أَخَذَ } حالٌ أيضاً . وقرأ العامَّةُ " أَخَذَ " مبنياً للفاعلِ ، وهو اللّهُ تعالى لتقدُّم ذِكْرِه . وأبو عمرو " أُخِذ " مبنياً للمفعول ، حُذِفَ الفاعلُ للعِلْم به . و " ميثاقَكم " منصوبٌ في قراءة العامةِ ، مرفوعٌ في قراءة أبي عمروٍ . و " إنْ كنتم " جوابُه محذوفٌ تقديرُه : فما يَمْنَعُكم من الإِيمانِ . وقيل : تقديرُه : إنْ كنتم مؤمنين لموجِبٍ ما ، فهذا هو الموجِبُ . وقدَّره ابنُ عطية : " إنْ كنتم مؤمنين فأنتم في رتبةٍ شريفةٍ . وقد تقدَّمَتْ قراءتا " يُنَزَّل " تخفيفاً وتشديداً في البقرة . وزيد بن علي " أَنْزَل " ماضياً .