فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

{ وما لكم لا تؤمنون بالله } هذا الاستفهام للتوبيخ والتقريع ، والخطاب للكفار ، أي : أي عذر لكم ؟ وأي مانع من الإيمان ؟ وقد أزيحت عنكم العلل وقيل : المعنى : أي شيء لكل من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا { والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم } أي : يدعوكم للإيمان ، والمعنى أي عذر لكم في ترك الإيمان ، والحال أن الرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه ، ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبرهان والحجج { و } الحال أن { قد أخذ } الله { ميثاقكم } حين أخرجكم من ظهر أبيكم آدم في عالم الذر ، حين أشهدكم على أنفسكم كما في قوله تعالى : { ألستم بربكم ؟ قالوا : بلى } أو بما نصب لكم من الأدلة الدالة على التوحيد ووجوب الإيمان ، وركب فيكم من العقول ، ومكنكم من النظر في الأدلة ، فإذا لم تبق لكم علة بعد أدلة العقول ، وتنبيه الرسول ، فما لكم لا تؤمنون ؟ وهو اختار القاضي ، كالكشاف والأول أولى .

قرأ الجمهور قد أخذ مبنيا للفاعل ، وهو الله سبحانه ، لتقدم ذكره وقرئ على البناء للمفعول وهما سبعيتان { إن كنتم مؤمنين } بما أخذ عليكم من الميثاق أو بالحجج والدلائل ، أو إن كنتم مؤمنين بسبب من الأسباب ، فهذا من أعظم أسبابه وأوضح موجباته ، لا مزيد عليه ، وقيل : إن كنتم مؤمنين بموسى وعيسى ، فإن شريعتهما تقتضي الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم : وقيل : مريدين للإيمان به ، فبادروا إليه ، وقيل : إن بمعنى إذ .