السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} (8)

وقوله تعالى : { وما } أي : وأيّ شيء { لكم } من الأعذار أو غيرها في أنكم أو حال كونكم { لا تؤمنون بالله } أي : تجدّدون الإيمان تجديداً مستمراً بالملك الأعلى ، أي : الذي له الملك كله والأمر كله خطاب للكفار ، أي : لا مانع لكم بعد سماعكم ما ذكر { والرسول } أي : والحال أن الذي له الرسالة العامة { يدعوكم } في الصباح والمساء { لتؤمنوا } أي : لأجل أن تؤمنوا { بربكم } الذي أحسن تربيتكم بأن جعلكم من أمّة هذا النبيّ الكريم فشرفكم به { وقد } أي : والحال أنه قد { أخذ ميثاقكم } أي : وقع أخذه فصار في غاية القباحة ، ترك التوثق بسبب نصب الأدلة والتمكين من النظر بإبداع العقول وذلك كله منضم إلى أخذ الذرّية من ظهر آدم عليه السلام حين أشهدهم على أنفسهم { ألست بربكم قالوا بلى } [ الأعراف : 172 ] وقرأ أبو عمرو : بضم الهمزة وكسر الخاء ورفع القاف على البناء للمفعول ليكون المعنى : من أيّ أخذ كان من غير نظر إلى معين وقرأ الباقون بفتح الهمزة والخاء ونصب القاف على البناء للفاعل والآخذ هو الله القادر على كل شيء العالم بكل شيء ، والحاصل : أنهم نقضوا الميثاق في الإيمان فلم يؤاخذهم حتى أرسل الرسل { إن كنتم مؤمنين } أي : مريدين الإيمان فبادروا إليه .