ولما رغب في الإنفاق والإيمان ، وكان الإيمان مقتضى بالإنفاق ، عجب ممن لا يبادر إلى الحاصل على كل خير ، فقال مفصلاً لما أجمل من الترغيب فيهما ، بادئاً بأبين كل خير ، منفساً عنهم بالتعبير بأداة الاستقبال بالبشارة بالعفو عن الماضي مرهباً موبخاً لمن لا يبادر إلى مضمون ما دخل عليه الاستفهام ، عاطفاً على ما تقديره : فما لكم لا تبادرون إلى ذلك : { وما } أي وأيّ شيء { لكم } من الأعذار أو غيرها في أنكم ، أو حال كونكم { لا تؤمنون بالله } أي تجددون الإيمان - أي تجديداً مستمراً - بالملك الأعلى أي الذي له الملك كله والأمر كله بعد سماعكم لهذا الكلام : لأن " لا " لا تدخل على مضارع إلا وهو بمعنى الاستقبال ، ولو عبر بعبارة تدل على الحال لربما تعنت متعنت فقال : فأت ما طلب منا ، والذي بعد هذا من الحال التي هي في معنى دالة على هذا ، وهي قوله : { والرسول } أي والحال أن الذي له الرسالة العامة { يدعوكم } صباحاً ومساء على ما له من مقتضيات القبول منه من حسن{[62394]} السمت وجلالة القدر وإظهار الخوارق وغير ذلك { لتؤمنوا } أي لأجل أن تجددوا الإيمان { بربكم } أي الذي أحسن تربيتكم بأن جعلكم من أمة هذه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وشرفكم به { وقد } أي والحال أنه قد { أخذ ميثاقكم } أي وقع أخذه فصار{[62395]} في غاية القباحة{[62396]} ترك ما وقع التوثق بسببه بنصب الأدلة والتمكين{[62397]} من النظر بإبداع العقول ، وذلك كله منضم إلى أخذ الذرية من ظهر آدم عليه الصلاة والسلام وإشهادهم على أنفسهم وإشهاد الملائكة عليهم ، وبنى الفعل للمفعول في قراءة أبي عمرو ليكون المعنى أيّ آخذ كان لأن الغدر عند الكرماء شديد من غير نظر إلى معين لا سيما العرب فكيف إذا كان الآخذ الملك الأعظم القادر على كل شيء العالم بكل شيء ، ورسوله الذي تعظيمه من تعظيمه ، كا صرحت به قراءة الجماعة بالبناء للفاعل ولا يخفى الإعراب ، والحاصل أنهم نقضوا الميثاق في الإيمان ، فلم يؤاخذهم حتى أرسل الرسل .
ولما حثهم على تجديد الإيمان على سبيل الاستمرار بالتعجب من ترك ذلك ، وكان كل واحد يدعي العراقة في الخير ، هيجهم وألهبهم بقوله : { إن كنتم } أي جبلة ووصفاً ثابتاً { مؤمنين * } أي عريقين في وصف الإيمان ، وهو الكون على نور الفطرة الأولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.