تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ} (5)

المفردات :

رددناه : رددنا الكافر ، أو جنس الإنسان .

أسفل سافلين : إلى النار ، أو الهرم وأرذل العمر .

التفسير :

5- ثم رددناه أسفل سافلين .

أي : لقد خلقنا الإنسان في أفضل خلقة ، حسيا ومعنويا ، لكنه لم يشكر هذه النعمة ، ولم يفطن لهذا الفضل ، فرأيناه يكفر بفضل الله عليه ، فيسجد للأصنام ، ويؤثر هواه ، ويسير وراء نزواته ، ويفضّل اللهو والخمر والكفر ، ومعاداة الرسل ، فيستحق أن يكون من أهل النار ، وأن يكون في أقبح خلقة ، وأسفل درجة ، بكفره وعناده ، ثم بدخوله جهنم وبئس المصير .

وذهب بعض المفسرين إلى أن المعنى كالآتي .

خلقنا الإنسان في أفضل خلقة ، وينتقل من الضعف إلى القوة والرشد وبلوغ الأشد ، ثم يعود إلى أسفل سافلين ببلوغه مرحلة الكبر والضعف ، فيعود ضعيف القوة ، ضعيف الذاكرة ، وربما وصل إلى مرحلة ضياع الذاكرة وخرف العقل ، أو تغضّن الوجه واهتزاز اليد وقلة الحيلة .

وكان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من أن يرد إلى أرذل العمر ، واختار جمع من المفسرين الرأي الأول ، لأنه يرتبط بما قبله وبما بعده .

أي أن الله خلق الإنسان في أكمل صورة ، لكن الكافر هوى بنفسه إلى مرحلة البهائم ، أو أضل سبيلا ، باختيار الكفر على الإيمان ، والضلال على الهدى .

قال ابن كثير :

ثم رددناه أسفل سافلين .

أي إلى النار ، قال ذلك مجاهد والحسن وأبو العالية وابن زيد ، أي : بعد هذا الحسن والنضارة مصيره إلى النار ، إن لم يطع الله ويتبع الرسل ، ولهذا قال بعد ذلك : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . . .

وقال بعضهم :

ثم رددناه أسفل سافلين .

أي : إلى أرذل العمرi . واختار ذلك ابن جرير الطبري .

ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك ، لأن الهرم قد يصيب بعضهم ، وإنما المراد ما ذكرناه ، كقوله تعالى : والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحاتii وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر . ( العصر : 1-3 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ} (5)

{ ثم رددناه . . . } أي رددناه أقبح من قبح صورة ، وأشوه خلقة ؛ لعدم جريانه على موجب ما خلقناه عليه من الصفات التي لو عمل بمقتضاها لكان في أعلى عليين . والمراد به أهل النار . وقيل : رددناه بعد ذلك التقويم أسفل من سفل صورة وشكلا ؛ بالهرم بعد الشباب ، والضعف بعد القوة ، والعجز بعد القدرة ؛ كما قال تعالى : " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر " {[411]} .

وقال : " ومن نعمره ننكسه في الخلق " {[412]} . والسافلون : هم الضعفاء والزّمنى والأطفال . وأسفلهم : الهرم . والمردود على المعنيين : بعض أفراد الجنس .


[411]:آية 70 النحل.
[412]:آية 68 يس.