الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ} (5)

{ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } يعني إلى أرذل العمر ، ينقص عمره ، ويضعف بدنه ، ويذهب عقله .

قال ابن عباس : [ إنّ ] نفراً ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عذرهم ، وأخبر أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم .

قال عكرمة : لم يضرّ هذا الشيخ الهرم كبره إذا ختم الله تعالى له بأحسن ما كان يعمل . قال أهل المعاني : السافلون : الضعفى والهرمى والزمنى ، فقوله : ( أسفل سافلين ) نكرة تعمّ الجنس ، كما تقول : فلان أكرم قائم ، فإذا عرّفت قلت : القائمين .

أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن مهران قال : حدّثنا جعفر بن محمد الفراي قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد قال : حدّثنا خالد الزيات قال : حدّثنا داوّد أبو سليمان ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمّر بن حزم الأنصاري ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المولود حتى يبلغ الحنث ما عمل من حسنة كتبت لوالديه ، فإن عمل سيئة لم تكتب عليه ، ولا على والديه ، فإذا بلغ الحنث وجرى عليه القلم ، أمر الله الملكين اللذين معه يحفظانه ويسدّدانه ، فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام آمنه الله سبحانه من البلايا الثلاث : من الجنون والجذام والبرص ، فإذا بلغ خمسين خفف الله حسابه ، فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه فيما يحب ، فإذا بلغ سبعين أحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين كتب الله حسناته وتجاوز عن سيئاته ، فإذا بلغ تسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وشفّعه في أهل بيته ، وكان اسمه أسير الله في الأرض ، فإذا بلغ أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً ، كتب الله سبحانه له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير ، وإن عمل سيئة لم تكتب عليه " .

وقال الحسن ومجاهد وقتادة : يعني ثم رددناه الى النار . وقال أبو العالية : يعني إلى النار في شر صورة ، في صورة خنزير .

أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله قال : حدّثنا محمد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن حواس قال : حدّثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، عن علي قال : أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض ، فيبدأ بالأسفل فيُملأ ، فهي أسفل السافلين ، وفي مصحف عبد الله ، ( أسفل السافلين ) بالألف .