تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

المفردات :

يغفر لكم من ذنوبكم : يغفر لكم ذنوبكم التي سبقت في الجاهلية .

ويؤخركم إلى أجل مسمّى : يمدّ في أعماركم إلى الأمد الأقصى الذي قدّره الله لكم .

إن أجل الله إذا جاء لا يؤخّر : ما قدره الله لكم ، إذا جاء على الوجه المقدّر به أزلا لا يؤخّر ، فبادروا في أوقات الإمهال .

التفسير :

4- يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخّركم إلى أجل مسمّى إنّ أجل الله إذا جاء لا يؤخّر لو كنتم تعلمون .

إن عبادة الله وتقواه وطاعة رسوله ، تؤدي بصاحبها إلى مغفرة الله ومرضاته ، والبركة في العمر ، والنجاة من العذاب في الدنيا ، ودخول الجنة في الآخرة .

لقد كان نوح واضحا وضوح الشمس في رائعة النهار ، حيث قال لقومه ما يأتي :

إن الإيمان بالله تعالى يحقق لكم مغفرة الله لذنوبكم التي ارتكبتموها قبل الإيمان ، ويحفظكم من عذاب الله في الدنيا ، ويؤخّر حياتكم إلى الأجل المنضوب لكم في الأزل ، فقد قدّر الله تعالى لكل إنسان أجله وعمره ورزقه ، وهو جنين في بطن أمّه ، وعقاب الله للكافرين إذا نزل بهم لا يتأخّر ، كما أن أجل الإنسان في هذه الدنيا لا يتقدم ولا يتأخر .

إن أجل الله إذا جاء لا يؤخّر لو كنتم تعلمون .

وقال تعالى : فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون . ( النحل : 61 ) .

وقال سبحانه وتعالى : وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ، وما لهم من دونه من وال . ( الرعد : 11 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

فإن أطعتُم وآمنتم يغفرْ لكم ذنوبَكم ويمدّ في أعماركم { إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى } ووقتٍ محدّد ، إن أمر الله إذا جاء لا يُردّ ولا يؤجَّل { لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

{ أن اعبدوا الله واتقوه واطيعون . يغفر لكم من ذنوبكم } من صلة ، أي : يغفر لكم ذنوبكم . وقيل : يعني ما سلف من ذنوبكم إلى وقت الإيمان ، وذلك بعض ذنوبهم ، { ويؤخركم إلى أجل مسمى } أي : بما فيكم إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم ، { إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون } يقول : آمنوا قبل الموت ، تسلموا من العذاب ، فإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولا يمكنكم الإيمان .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فإذا فعلتم {يغفر لكم من ذنوبكم} يقول: يغفر لكم ذنوبكم.

{ويؤخركم إلى أجل مسمى} يعني إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم بالسنين ولا بغيره. {إن أجل الله} في العذاب في الدنيا وهو الغرق.

{إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون} ولكنكم لا تعلمون.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ": يغفر لكم ذنوبكم... ويصفح لكم، ويعفو لكم عنها. وقد يحتمل أن يكون معناها: يغفر لكم من ذنوبكم ما قد وعدكم العقوبة عليه، فأما ما لم يعدكم العقوبة عليه فقد تقدّم عفوه لكم عنها...

.

"وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أجَل مُسَمّى": ويؤخّر في آجالكم فلا يهلككم بالعذاب، لا بغَرَق ولا غيره.

"إلى أجل مسمى": إلى حين كتب أنه يبقيكم إليه، إن أنتم أطعتموه وعبدتموه، في أمّ الكتاب.

عن مجاهد، في قول الله: إلى أجَل مُسَمّى قال: ما قد خطّ من الأجل، فإذا جاء أجل الله لا يؤخّر.

"إنّ أجَلَ اللّهِ إذَا جاءَ لا يُؤَخّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ": إن أجل الله الذي قد كتبه على خلقه في أمّ الكتاب إذا جاء عنده لا يؤخر عن ميقاته، فينظر بعده.

"لو كنتم تعلمون": لو علمتم أن ذلك كذلك، لأنبتم إلى طاعة ربكم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{يغفر لكم من ذنوبكم} إن صرفت قوله: {واتقوه} إلى اتقاء الشرك يرجع قوله: {يغفر لكم من ذنوبكم} إلى ما سلف من الذنوب في حالة الشرك كقوله عز وجل: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38] وإن صرفته على سائر وجوه المهالك رجع إلى السالف وإلى الآنف جميعا، وهو كقوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات}. [هود: 114] فيكون...

{ويؤخركم إلى أجل مسمى} فجائز أن يكون أولئك القوم كانوا يخافون على أنفسهم الإهلاك من قومهم بإيمانهم وإجابتهم لنوح عليه السلام فيخرج قوله: {ويؤخركم إلى أجل مسمى} مخرج الأمان لهم: أنهم بإيمانهم يبقون إلى الأجل الذي ضرب لهم، لو لم يؤمنوا؛ إذ يكون معناه: أنكم إن أسلمتم بقيتم إلى انقضاء أجلكم المسمى سالمين آمنين، لا يتهيأ لعدوكم أن يمكروا بكم.

وقوله تعالى: {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون} كقوله في موضع آخر: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [الأعراف: 34]. وجائز أن يكون قوله: {لا يستأخرون} أي لا يتأخرون عن آجالهم، أو لا يؤخرون بما يطلبون من التأخير، فيكون في هذا إياس لهم أنهم لا يؤخرون إذا طلبوا التأخير...

معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :

{إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون} يقول: آمنوا قبل الموت، تسلموا من العذاب، فإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولا يمكنكم الإيمان.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ما الفائدة في قوله {لو كنتم تعلمون}؟

الجواب: الغرض الزجر عن حب الدنيا، وعن التهالك عليها والإعراض عن الدين بسبب حبها، يعني أن غلوهم في حب الدنيا وطلب لذاتها بلغ إلى حيث يدل على أنهم شاكون في الموت.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان الإنسان محل النقصان، فلا ينفك عن ذنب فلا ينفعه إلا فناء الكرم، أشار إلى ذلك مرغباً مستعطفاً لهم لئلا ييأسوا فيهلكوا بقوله جواباً للأمر: {يغفر لكم} أي كرماً منه وإحساناً ولطفاً. ولما كان من الذنوب ما لا يتحتم غفرانه وهو ما بعد الإسلام قال: {من ذنوبكم} أي ما تقدم الإيمان من الشرك والعصيان وما تأخر عن الإيمان من الصغائر التي تفضل الله بالوعد بتكفيرها باجتناب الكبائر -هذا مما أوجبه سبحانه على نفسه المقدس بالوعد الذي لا يبدل، وأما غيره مما عدا الشرك فإلى مشيئته سبحانه. ولما كان الإنسان، لما يغلب عليه من النسيان، والاشتغال بالآمال، يعرض عن الموت إعراض الشاك فيه بل المكذب به ذكرهم ترهيباً لهم لطفاً بهم ليستحضروا أنهم في القبضة فينزعوا مما يغضبه سبحانه، فقال مشيراً إلى أن طول العمر في المعصية- وإن كان مع رغد العيش -عدم، مهدداً بأنه قادر على الإهلاك في كل حين: {ويؤخركم} أي تأخيراً ينفعكم، واعلم أن الأمور كلها قد قدرت وفرغ من ضبطها لإحاطة العلم والقدرة فلا يزاد فيها ولا ينقص، ليعلم أن الإرسال إنما هو مظهر لما في الكيان ولا يظن أنه قالب للأعيان بتغيير ما سبق به القضاء من الطاعة أو العصيان فقال: {إلى أجل مسمى} أي قد سماه الله وعلمه قبل إيجادكم فلا يزاد فيه ولا ينقص منه، فيكون موتكم على العادة متفرقاً وإلا أخذكم جميعاً بعذاب الاستئصال، فهذا من علم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون، و ذلك أنه علم أنهم إن أطاعوا نوحاً عليه السلام كان موتهم على العادة وإلا هلكوا هلاك نفس واحدة، وعلم أنهم لا يطيعونه، وأن موتهم إنما يكون بعذاب الاستئصال.

ولما كان الإنسان مجبولاً على الأطماع الفارغة، فكان ربما قال للتعنت أو غيره: لم لا يخلدنا؟ قال فطماً عن ذلك مؤكداً لاقتضاء المقام له: {إن أجل الله} أي الذي له الكمال كله فلا راد لأمره {إذا جاء لا يؤخر} وأما قبل مجيئه فربما يقع الدعاء و الطاعات والبر في البركة فيه يمنع الشواغل وإطابة الحياة، فبادروا مجيء الأجل بالإيمان لأنه إذا جاء لم يمكنكم التدارك، ولا ينفعكم بعد العيان الإيمان. ولما كان من يعلم هذا يقيناً، ويعلم أنه إذا كشف له عند الغرغرة أحب أن يؤخر ليتوب حين لا تأخير، أحسن العمل خوفاً من فوات وقته وتحتم مقته، نبه على ذلك بقوله: {لو كنتم تعلمون} أي لو كان العلم أو تجدده وقتاً ما في غرائزكم لعلمتم تنبيه رسولكم صلى الله عليه وسلم أن الله يفعل ما يشاء، وأن الأجل آت لا محالة فعملتم للنجاة، ولكنكم تعملون في الانهماك في الشهوات عمل الشاك في الموت.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

< يغفر لكم من ذنوبكم } { من } صلة { ويؤخركم } عن العذاب { إلى أجل مسمى } وهو أجل الموت فتموتوا غير ميتة من يهلك بالعذاب { إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر } إذا جاء الأجل في الموت لايؤخر { لو كنتم تعلمون } ذلك

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

" يغفر لكم من ذنوبكم " جزم " يغفر " بجواب الأمر . و " من " صلة زائدة . ومعنى الكلام يغفر لكم ذنوبكم ، قاله السدي . وقيل : لا يصح كونها زائدة ؛ لأن " من " لا تزاد في الواجب ، وإنما هي هنا للتبعيض ، وهو بعض الذنوب ، وهو ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين . وقيل : هي لبيان الجنس . وفيه بعد ، إذ لم يتقدم جنس يليق به . وقال زيد بن أسلم : المعنى يخرجكم من ذنوبكم . ابن شجرة : المعنى يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها " ويؤخركم إلى أجل مسمى " قال ابن عباس : أي ينسئ في أعماركم . ومعناه أن الله تعالى كان قضى قبل خلقهم أنهم إن آمنوا بارك في أعمارهم ، وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب . وقال مقاتل : يؤخركم إلى منتهى آجالكم في عافية ، فلا يعاقبكم بالقحط وغيره . فالمعنى على هذا يؤخركم من العقوبات ( الشدائد إلى آجالكم . وقال : الزجاج أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير موتة المستأصلين بالعذاب . وعلى هذا قيل : " أجل مسمى " عندكم تعرفونه ، لا يميتكم غرقا ولا حرقا ولا قتلا ، ذكره الفراء . وعلى القول الأول " أجل مسمى " عند الله . " إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر " أي إذا جاء الموت لا يؤخر بعذاب كان أو بغير عذاب . وأضاف الأجل إليه سبحانه لأنه الذي أثبته . وقد يضاف إلى القوم ، كقوله تعالى : " فإذا جاء أجلهم " [ النحل : 61 ] لأنه مضروب لهم . " لو " بمعنى " إن " أي إن كنتم تعلمون . وقال الحسن : معناه لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل الله إذا جاءكم لم يؤخر .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

ولما كان الإنسان محل النقصان ، فلا ينفك عن ذنب فلا{[68608]} ينفعه إلا فناء الكرم ، أشار إلى ذلك مرغباً مستعطفاً لهم لئلا ييأسوا فيهلكوا بقوله جواباً للأمر : { يغفر لكم } أي كرماً منه{[68609]} وإحساناً ولطفاً{[68610]} .

ولما كان من الذنوب ما لا يتحتم غفرانه وهو ما بعد الإسلام قال{[68611]} : { من ذنوبكم } أي ما تقدم الإيمان من الشرك والعصيان وما تأخر عن الإيمان من الصغائر التي تفضل الله بالوعد بتكفيرها باجتناب الكبائر - هذا مما{[68612]} أوجبه سبحانه على نفسه المقدس بالوعد الذي لا يبدل ، وأما غيره مما عدا الشرك فإلى مشيئته سبحانه .

ولما كان الإنسان ، لما يغلب عليه من النسيان ، والاشتغال بالآمال ، يعرض عن الموت إعراض الشاك فيه بل المكذب به{[68613]} ذكرهم ترهيباً لهم لطفاً بهم ليستحضروا أنهم في القبضة فينزعوا مما يغضبه سبحانه ، فقال مشيراً إلى أن طول العمر في المعصية - وإن كان مع رغد العيش - عدم ، مهدداً{[68614]} بأنه قادر على الإهلاك في كل حين : { ويؤخركم } أي تأخيراً ينفعكم ، واعلم أن الأمور كلها قد قدرت{[68615]} وفرغ من ضبطها لإحاطة العلم والقدرة فلا يزاد فيها ولا ينقص ، ليعلم أن الإرسال إنما هو مظهر لما في الكيان{[68616]} ولا يظن أنه قالب للأعيان بتغيير ما سبق به القضاء من الطاعة أو{[68617]} العصيان فقال : { إلى أجل مسمى } أي قد سماه{[68618]} الله وعلمه{[68619]} قبل إيجادكم فلا يزاد فيه ولا ينقص منه ، فيكون موتكم على العادة{[68620]} متفرقاً وإلا أخذكم جميعاً بعذاب الاستئصال ، فهذا من علم ما لا يكون لو كان كيف [ كان-{[68621]} ] يكون ، و{[68622]}ذلك أنه علم أنهم إن أطاعوا نوحاً عليه السلام كان موتهم على العادة وإلا هلكوا هلاك نفس واحدة ، وعلم أنهم لا يطيعونه ، وأن موتهم إنما يكون بعذاب{[68623]} الاستئصال .

ولما كان الإنسان مجبولاً على الأطماع الفارغة ، فكان ربما قال للتعنت أو غيره : لم لا يخلدنا ؟ قال فطماً عن ذلك مؤكداً لاقتضاء المقام له : { إن أجل الله } أي{[68624]} الذي له الكمال كله فلا راد لأمره { إذا جاء لا يؤخر } وأما قبل مجيئه فربما يقع الدعاء و{[68625]}الطاعات والبر في البركة فيه يمنع الشواغل وإطابة الحياة ، فبادروا مجيء{[68626]} الأجل بالإيمان لأنه إذا جاء لم يمكنكم التدارك ، ولا ينفعكم بعد العيان الإيمان .

ولما كان من يعلم هذا يقيناً ، ويعلم أنه إذا{[68627]} كشف له عند الغرغرة أحب أن يؤخر ليتوب حين لا تأخير ، أحسن العمل خوفاً من فوات وقته وتحتم مقته ، نبه على ذلك بقوله : { لو كنتم تعلمون * } أي لو كان العلم أو تجدده وقتاً ما في غرائزكم لعلمتم تنبيه رسولكم صلى الله عليه وسلم أن الله يفعل ما يشاء ، وأن الأجل آت{[68628]} لا محالة فعملتم للنجاة ، ولكنكم تعملون{[68629]} في الانهماك في الشهوات عمل الشاك في الموت .


[68608]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا.
[68609]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68610]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68611]:- زيد من ظ وم.
[68612]:- من ظ وم، وفي الأصل: ما.
[68613]:- زيد من ظ وم.
[68614]:- من ظ وم، وفي الأصل: مهدد.
[68615]:- من ظ وم، وفي الأصل: تقدرت.
[68616]:- من ظ وم، وفي الأصل: العيان.
[68617]:- من م، وفي الأصل وظ: "و".
[68618]:- من ظ وم، وفي الأصل: سمى.
[68619]:- زيد من ظ وم.
[68620]:- من ظ وم، وفي الأصل: عادة.
[68621]:- زيد من ظ وم.
[68622]:- زيد من ظ وم.
[68623]:- من ظ وم، وفي الأصل: بعد.
[68624]:- زيد من ظ وم.
[68625]:- من ظ وم، وفي الأصل: في.
[68626]:- من ظ وم، وفي الأصل: محل.
[68627]:- زيد من ظ وم.
[68628]:- زيد من ظ وم.
[68629]:- من ظ وم، وفي الأصل: تعلمون.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

قوله : { يغفر لكم من ذنوبكم } من ، فيها وجهان : أحدهما : أنها تبعيضية . أي يغفر بعض ذنوبكم وهي ما سبق . فإن الإسلام يجبّ ما كان قبله من الآثام والمعاصي . ثانيهما : أنها مزيدة {[4639]} أي يغفر لكم ذنوبكم { ويؤخركم إلى أجل مسمى } أي يؤخركم إلى وقت موتكم وهو الأجل المقدور المحتوم . فإذا جاء هذا الأجل فإنه { لا يؤخر لو كنتم تعلمون } إذا حان الأجل وجاءت ساعة الموت فإن ذلك لا يرد ولا يقوى على دفعه دافع { لو كنتم تعلمون } أي لو علمتم ما سيحل بكم من فرط الندامة والفزع لبادرتم إلى الإيمان{[4640]} .


[4639]:الدر المصون جـ 10 ص 467.
[4640]:تفسير النسفي جـ 4 ص 294 وتفسير البيضاوي ص 761.