الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 12 ) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 13 ) }
ناجيتم الرسول : أردتم مناجاته والتحدث معه .
فقدموا بين يدي نجواكم صدقة : قدموا قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم صدقة تضعونها بين يديه ليدفعها الفقراء ، وفي ذلك نفع للفقراء ، وتعظيم لقدر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وحث على عدم الإفراط في الأسئلة ، وفيه تمييز بين المنافقين والمؤمنين ، فالمنافق محب للدنيا ضنين بالمال ، وبإخراج صدقة .
خير لكم وأطهر : أزكى للنفوس ، وأبعد عن الريبة وحب المال .
12- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
يا أيها الذين آمنوا ، إذا رغبتم في مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والخلوة به للإجابة على أسئلتكم ، فقدموا صدقة قبل المناجاة ، يأخذها الرسول صلى الله عليه وسلم ويتصدق بها على الفقراء ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " نحن معاشر الأنبياء لا تحل لنا صدقة " .
وكان من صفاته صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة أنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة ، وتقديم الصدقة بين يدي المناجاة فيه منفعة للفقراء ، وتعويد للأغنياء على الصدقة ، وتطهير للنفس من الشح ، وفيه استجماع قوى السائل ، فإذا كان السائل فقيرا لا يجد صدقة يقدمها فقد أسقط الله عنه ذلك التكليف ، وغفر له ورحمه ، وأباح له المناجاة بدون تقديم صدقة ، لقوله تعالى : { فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
وظاهر الآية يدل على أن تقديم الصدقة كان واجبا ، لأن الأمر للوجوب ، ويتأكد ذلك بقوله في آخر الآية : { فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
فإن ذلك لا يقال إلا لترك الوجوب ، وقال بعضهم : إن الأمر هنا للندب والاستحباب .
والأول أظهر ، حيث نسخ الله وجوب تقديم صدقة عند مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالآية التي تليها .
وأنكر أبو مسلم الأصفهاني وقوع النسخ ، وقرر أن الأمر بتقديم الصدقة على النجوى لتمييز المؤمن المخلص من المنافق ، فلما تحقق الغرض انتهى الحكم ، أي أن ذلك التكليف كان مقدرا بغاية مخصوصة فوجب انتهاؤه بانتهاء تلك الغاية ، فلا يكون هذا نسخا .
قال الإمام فخر الدين الرازي : وهذا الكلام حسن ما به بأس . 1ه .
أي أنه كان أمرا مرحليا مؤقتا ، مقصودا منه تخفيف الضغط على الرسول صلى الله عليه وسلم بكثرة الأسئلة والمناجاة ، ومعرفة المؤمن الذي يهون عليه المال في سبيل المناجاة من المنافق الذي يعظم المال ، فلما تحقق ذلك أسقط الله ذلك التكليف .
والمشهور عند الجمهور أن الأمر بتقديم الصدقة قبل المناجاة منسوخ بقوله تعالى : { أأشفقتم . . . }الآية .
ناجيتم الرسول : إذا أردتم الحديث معه .
فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً : فتصدقوا قبل المناجاة .
ولما أكثر المسلمون من التنافُس في القُرب من مجلس الرسول الكريم لسماعِ أحاديثه ، ولمناجاته في أمورِ الدين ، وشَقّوا في ذلك عليه ، أراد الله أن يخفّف عنه فأنزل قوله تعالى :
{ يا أيها الذين آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً . . . . } ، إذا أردتم مناجاةَ الرسول فتصدّقوا قبل مناجاتكم له ، ذلك خيرٌ لكم وأطهرُ لقلوبكم . فإن لم تجدوا ما تتصدّقون به فإن الله تعالى قد رخّص لكم في المناجاةِ بلا تقديم صدقة ، { فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .
{ إذا ناجيتم الرسول } : أي أردتم مناجاته .
{ فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } : أي قبل المناجاة تصدقوا بصدقة ثم ناجوه صلى الله عليه وسلم .
{ ذلك خير لكم وأطهر } : أي تقديم الصدقة بين يدي المناجاة خير لما فيه من نفع الفقراء وأطهر لذنوبكم .
{ فإن لم تجدوا } : أي فإن لم تجدوا ما تتصدقون به .
{ فإن الله غفور رحيم } : أي غفور لمناجاتكم رحيم بكم فليس عليكم في المناجاة بدون صدقة إثم .
وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } ، أمرهم تعالى إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكلمه وحده أن يقدم صدقة أولاً ثم يطلب المناجاة وكان هذا لمصلحة الفقراء أولا ثم للتخفيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كل مؤمن يود أن يخلو برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرب منه ويكلمه ، والرسول بشر لا يتسع لكل أحد فشرع الله هذه الصدقة فأعلمهم أنه يريد التخفيف عن رسوله .
فلما علموا ذلك وتحرجوا من بذل صدقة وأكثرهم فقراء لا يجدها نسخ تعالى ذلك ولم تدم مدة الوجوب أكثر من ليالي ونسخها الله تعالى بقوله الآتي { أأشفقتم }الآية .
وقوله تعالى : { ذلك خير لكم وأطهر } أي تقديم الصدقة بين يدي المناجاة خير لكم حيث تعود الصدقة على الفقراء إخوانكم ، وأطهر أي لنفوسكم لأن النفس تطهر بالعمل الصالح وقوله تعالى { فإن لم تجدوا } أي ما تقدمونه صدقة قبل المناجاة فناجوه صلى الله عليه وسلم ولا حرج عليكم لعدم وجدكم فإن الله غفور لكم رحيم بكم .
- مشروعية النسخ في الشريعة قبل العلم بالمنسوخ وبعده ، إذ هذه الصدقة نسخت قبل أن يعمل بها اللهم إلا ما كان من عليّ رضي الله عنه ، فإنه أخبر أنه تصدق بدينار وناجى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسخت هذه الصدقة ، فكان يقول في القرآن آية لم يعمل بها أحد غيري وهى فضيلة له رضى الله عنه .
- في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله في الواجبات والمحرمات عوض عما يفوت المؤمن من النوافل .
{ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم } أمام مناجاتكم { صدقة } ، نزلت حين غلب أهل الجدة الفقراء على مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناجاته فكره الرسول ذلك فأمرهم الله بالصدقة عند المناجاة ووضع ذلك عن الفقراء فقال :{ فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } ثم نسخ الله ذلك فقال :
الأولى- قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول }{ ناجيتم } ساررتم ، قال ابن عباس : نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شقوا عليه ، فأراد الله عز وجل أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلما قال ذلك كف كثير من الناس . ثم وسع الله عليهم بالآية التي بعدها . وقال الحسن : نزلت بسب أن قوما من المسلمين كانوا يستخلون النبي صلى الله عليه وسلم ويناجونه ، فظن بهم قوم من المسلمين أنهم ينتقصونهم في النجوى ، فشق عليهم ذلك فأمرهم الله تعالى بالصدقة عند النجوى ليقطعهم عن استخلافه . وقال زيد بن أسلم : نزلت بسبب أن المنافقين واليهود كانوا يناجون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون : إنه أذن يسمع كل ما قيل له ، وكان لا يمنع أحدا مناجاته . فكان ذلك يشق على المسلمين ؛ لأن الشيطان كان يلقي في أنفسهم أنهم ناجوه بأن جموعا اجتمعت لقتاله . قال : فأنزل الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول }[ المجادلة : 9 ] الآية ، فلم ينتهوا فأنزل الله هذه الآية ، فانتهى أهل الباطل عن النجوى ؛ لأنهم لم يقدموا بين يدي نجواهم صدقة ، وشق ذلك على أهل الإيمان وامتنعوا من النجوى ، لضعف مقدرة كثير منهم عن الصدقة فخفف الله عنهم بما بعد الآية .
الثانية- قال ابن العربي : وفي هذا الخبر عن زيد ما يدل على أن الأحكام لا تترتب بحسب المصالح ، فإن الله تعالى قال : { ذلك خير لكم وأطهر } ثم نسخه مع كونه خيرا وأطهر ، وهذا رد على المعتزلة عظيم في التزام المصالح ، لكن راوي الحديث عن زيد ابنه عبدالرحمن وقد ضعفه العلماء . والأمر في قوله تعالى : { ذلك خير لكم وأطهر } نص متواتر في الرد على المعتزلة . والله أعلم .
الثالثة- روى الترمذي عن علي بن علقمة الأنماري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما نزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة }[ سألته ]{[14793]} قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما ترى دينارا ) قلت لا يطيقونه ، قال : ( فنصف دينار ) قلت : لا يطيقونه . قال : ( فكم ) قلت : شعيرة . قال : ( إنك لزهيد ) قال فنزلت :{ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } [ المجادلة : 13 ] الآية . قال : فبي{[14794]} خفف الله عن هذه الأمة ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه ، ومعنى قوله : شعيرة يعني وزن شعيرة من ذهب . قال ابن العربي : وهذا يدل على مسألتين حسنتين أصوليتين : الأولى : نسخ العبادة قبل فعلها . والثانية : النظر في المقدرات بالقياس ، خلافا لأبي حنيفة .
قلت : الظاهر أن النسخ إنما وقع بعد فعل الصدقة . وقد روي عن مجاهد : أن أول من تصدق في ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه وناجى النبي صلى الله عليه وسلم . روي أنه تصدق بخاتم . وذكر القشيري وغيره عن علي بن ابن طالب أنه قال : في كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، وهي : { يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بن يدي نجواكم صدقة } كان لي دينار فبعته ، فكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد ، فنسخت بالآية الأخرى { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات }[ المجادلة : 13 ] . وكذلك قال ابن عباس : نسخها الله بالآية التي بعدها . وقال ابن عمر : لقد كانت لعلي رضي الله عنه ثلاثة لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم : تزويجه فاطمة ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى .
قوله تعالى : { ذلك خير لكم } أي من إمساكها { وأطهر }لقلوبكم من المعاصي { فإن لم تجدوا } يعني الفقراء { فإن الله غفور رحيم } .
ولما نهى عما يحزن من {[63360]}المقال والمقام{[63361]} ، وكان المنهي عنه من التناجي إنما هو لحفظ قلب الرسول صلى الله عليه وسلم عما يكدره فهو منصرف إلى مناجاتهم غيره ، وكان ذلك مفهماً أن مناجاتهم له صلى الله عليه وسلم لا حرج فيها ، وكان كثير منهم يناجيه ولا قصد له إلا الترفع بمناجاته فأكثروا في ذلك حتى شق عليه صلى الله عليه وسلم ، وكان النافع للإنسان إنما هو كلام من يلائمه في الصفات ويشاكله في الأخلاق ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد الناس من الدنيا تقذراً لها لأجل بغض الله لها ، أمر من أراد أن يناجيه بالتصدق ليكون ذلك{[63362]} أمارة على {[63363]}الاجتهاد {[63364]}في التخلق{[63365]} بأخلاقه الطاهرة من الصروف عن {[63366]}الدنيا والإقبال على الله ، ومظهراً له عما سلف من الإقبال عليها{[63367]} فإن الصدقة برهان على الصدق في الإيمان ، وليخفف عنه صلى الله عليه وسلم ما كانوا قد أكثروا عليه من المناجاة ، فلا يناجيه إلا من قد خلص{[63368]} إيمانه فيصدق ، فيكون ذلك مقدمة لانتفاعه بتلك المناجاة كما أن الهدية تكون مهيئة للقبول كما ورد " نعم الهدية أمام الحاجة{[63369]} " فقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا } أي ادعوا أنهم أوجدوا هذه الحقيقة أغنياء كانوا أو فقراء { إذا ناجيتم } أي أردتم أن تناجوا { الرسول } صلى الله عليه وسلم أي الذي لا أكمل منه في الرسلية{[63370]} ، فهو أكمل الخلق ووظيفته تقتضي أن يكون منه الكلام بما أرسله به الملك وتكون هيبته مانعة من ابتدائه بالكلام ، فلا يكون من المبلغين إلا الفعل بالامتثال لا غير { فقدموا } أي بسبب هذه الإرادة العالية{[63371]} على سبيل الوجوب ومثل النجوى كشخص{[63372]} له يدان يحتاج أن يطهر نفسه ليتأهل للقرب من الرسول صلى الله عليه وسلم فقال{[63373]} : { بين يدي نجواكم } أي قبل سركم الذي تريدون أن ترتفعوا به { صدقة } تكون لكم{[63374]} برهاناً قاطعاً على إخلاصكم كما ورد أن الصدقة برهان ، فهي مصدقة لكم في دعوى الإيمان التي هي التصديق بالله تعالى ورسوله{[63375]} صلى الله عليه وسلم وبكل ما جاء به عن الله تعالى ، ومعظمه الإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة ، ولذلك{[63376]} استأنف{[63377]} قوله : { ذلك } أي الخلق العالي جداً من تقديم التصدق قبل المناجاة يا خير الخلق ، ولعله أفرده بالخطاب لأنه لا يعلم كل ما فيه من الأسرار غيره .
وعاد إلى الأول فقالك { خير لكم } أي في دينكم من الإمساك عن الصدقة { وأطهر } لأن الصدقة طهرة ونماء وزيادة في كل خير ، ولذلك{[63378]} سميت زكاة { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } والتعبير بأفعل لأنهم مطهرون قبله{[63379]} بالإيمان .
ولما أمر بذلك ، وكانت عادته أن لا يكلف بما فوق الوسع للتخفيف على عباده لا سيما هذه الأمة قال :{ فإن لم تجدوا } أي ما تقدمونه .
ولما كان المعنى الكافي في التخفيف : فليس عليكم شيء ، دل عليه بأحسن منه فقال :{ فإن الله } أي الذي له جميع صفات الكمال ، وأكده لاستبعاد مثله فإن المعهود من الملك إذا ألزم رعيته{[63380]} بشيء أنه لا يسقطه{[63381]} أصلاً ورأساً ، ولا سيما إن كان يسيراً ، ودل على أنه سبحانه لن يكلف بما فوق الطاقة بقوله :{ غفور رحيم * } أي له صفتا{[63382]} الستر للمساوئ والإكرام بإظهار المحاسن ثابتتان{[63383]} على الدوام فهو يغفر ويرحم تارة بعدم العقاب للعاصي{[63384]} ، وتارة للتوسعة للضيق بأن ينسخ ما يشق إلى ما يخف{[63385]} ، وهذه الآية قيل : إنها نسخت قبل العمل بها ، وقال علي رضي الله عنه{[63386]} : ما عمل بها أحد غيري ، أردت المناجاة ولي دينار فصرفته بعشرة دراهم وناجيته عشر مرات أتصدق في كل مرة بدرهم ، ثم ظهرت مشقة ذلك على الناس ، فنزلت الرخصة في ترك الصدقة ، " وروى النسائي في الكبرى والترمذي{[63387]} وقال : حسن غريب وابن حبان وأبو يعلى والبزار{[63388]} عن علي رضي الله عنه أنه قال : لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مرهم أن يتصدقوا " . قلت : بكم يا رسول الله ؟ قال : " بدينار " ، قلت : لا يطيقون . قال : " فنصف دينار " ، قلت : لا يطيقون ، قال : " فبكم ؟ " قلت{[63389]} : بشعيرة : قال{[63390]} رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنك لزهيد " ، فأنزل الله تعالى { أأشفقتم } الآية . وكان علي رضي الله عنه يقول : بي خفف الله عن هذه الأمة . وعدم عمل غيره لا يقدح فيه لاحتمال أن يكون لم يجد عند{[63391]} المناجاة شيئاً أو أن لا{[63392]} يكون احتاج إلى المناجاة .