توبة نصوحا : بالغة الغاية في النصح ، وقوامها ثلاثة أمور : الندم على ما فات ، والإقلاع في الحال ، والعزم على عدم العودة إلى المعاصي أبدا ، كما لا يعود اللبن إلى الضِّرع .
يوم لا يخزي الله النبي : لا يصيبهم بالخزي أو الانكسار أو الفضيحة .
بين أيديهم : أمامهم ، يسعى نور الإيمان بهم على الصراط .
8- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
دعوة من لله تعلى للذين آمنوا أن يتوبوا إليه سبحانه وتعالى توبة بالغة الغاية في النصح ، كأنها تنصح صاحبها وتدعوه إلى ثلاثة أشياء :
2- الإقلاع في الحال عن كل معصية .
3-العزم الأكيد على الطاعة والبعد عن كل معصية في المستقبل ، والتصميم على ألاّ يعود إلى المعاصي أبدا ، كما لا يعود اللبن إلى الضرع .
من فعل ذلك وتاب إلى الله توبة صادقة ، كان جديرا بوعد الله له بأن يغفر له ذنوبه ، وأن يدخله جنات وبساتين تجري من تحتها الأنهار ، مع الكرامة والرعاية ، والبعد عن المهانة والزراية ، والعذاب الأليم الذي يلقاه المشركون ، ومن تكريم المؤمنين أن يضمهم الله إلى النبي الكريم في قوله سبحانه : { يوم لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ . . . } وفيه تعريض بخزي الكافرين ومهانتهم في النار .
{ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ . . . }
وهذه جملة مستأنفة لبيان حال المؤمنين عند مرورهم على الصراط ، حيث يجدون نور إيمانهم يسعى أمامهم وعن يمينهم .
كما جاء في سورة الحديد : { ويجعل لكم نورا تمشون به . . . } ( الحديد : 28 ) .
{ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
يقول المؤمنون راغبين راجين بعد أن يلهمهم الله الدعاء :
ربنا أتتم لنا نورنا حتى نسير فيه إلى الجنة ، واغفر لنا وسامحنا ، وامح عنا ذنوبنا ، إنّ كل شيء بيدك ، وأنت على كل شيء قدير ، من المغفرة والتوبة والرضوان .
هذا دعاء المؤمنين حين أطفأ الله نور المنافقين ، في ذلك اليوم يُشاهد المؤمنون غرّا محجَّلين من آثار الوضوء ، تسطع جباههم وأيديهم بالنور من آثار الطهور ، فيعرفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .
ثم أمر المؤمنين أن يتوبوا إلى الله ويرجعوا إليه بإخلاص ، عسى الله أن يمحُوَ عنهم سيئاتِهم ويدخلَهم جناتٍ تجري من تحتِ قصورها وأشجارِها الأنهار . وفي ذلك اليوم يرفعُ الله شأنَ النبيّ والذين آمنوا معه ، نورُهم يسعى بين أيدِيهم حينَ يمشون ، وبأيمانِهم حين الحساب . . . حيث يتناولون كُتبَهم بأيمانهم وفيه نورٌ وخير لهم .
{ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا واغفر لَنَآ إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . اللهم أجبْ دعاءنا ولا تخيّب رجاءنا .
{ 8 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
قد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية ، ووعد عليها بتكفير السيئات ، ودخول الجنات ، والفوز والفلاح ، حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم ، ويمشون بضيائه ، ويتمتعون بروحه وراحته ، ويشفقون إذا طفئت الأنوار ، التي لا تعطى المنافقين ، ويسألون الله أن يتمم{[1168]} لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم ، ويوصلهم ما{[1169]} معهم من النور واليقين ، إلى جنات النعيم ، وجوار الرب الكريم ، وكل هذا من آثار التوبة النصوح .
والمراد بها : التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها ، التي عقدها العبد لله ، لا يريد بها إلا وجهه{[1170]} والقرب منه ، ويستمر عليها في جميع أحواله .
وقوله { توبة نصوحا } هي التوبة التي تنصح صاحبها حتى لا يعود الى ما تاب منه ونصوحا معناه بالغة في النصح وقوله { لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } أي لا يفضحهم ولا يهلكهم { نورهم } على الصراط { يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا } اذا أطفىء نور المنافقين دعوا الله وسألوه أن يتم لهم النور
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.