تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

فوائد النجوم في السماء

{ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ( 6 ) وحفظا من كل شيطان مارد ( 7 ) لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب ( 8 ) دحورا ولهم عذاب واصب ( 9 ) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ( 10 ) }

المفردات :

الدنيا : مؤنث الأدنى ، أي أقرب السماوات من أهل الأرض .

6

التفسير :

6- { إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب } .

لقد خلق الله السماء ثم زينها بالنجوم ، ومعنى الآية : { إنا زينّا السماء } القربى من أهل الأرض بالنجوم والكواكب المتنوعة في أشكالها وأحجامها ونظامها .

وقد قرأ جمهور القراء بإضافة زينة إلى الكواكب ، أي بلا تنوين في لفظ زينة ، وقرأ حفص عن نافع بتنوين لفظ زينة ، وخفض لفظ الكواكب على أنه بدل منه . {[536]}

ومنظر السماء في الليالي المظلمة بديع أخّاذ ، خصوصا لراكب البحار الواسعة ، أو الفيافي المقفرة حيث تتراءى له الكواكب ، وكل نجم يوصوص ، ويبعث ضوءه في ظلام الليل ، كدليل ملموس على إبداع القدرة الإلهية .


[536]:وقرأ بعضهم بتنوين لفظ (زينة) ونصب لفظ (الكواكب) على أنه مفعول به لفعل محذوف أي: أعنى الكواكب، ففيها ثلاث قراءات.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

قوله تعالى : " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب " قال قتادة : خلقت النجوم ثلاثا : رجوما للشياطين ، ونورا يهتدى بها ، وزينة لسماء الدنيا . وقرأ مسروق والأعمش والنخعي وعاصم وحمزة : " بزينة " مخفوض منون " الكواكب " خفض على البدل من " زينة " لأنها هي . وقرأ أبو بكر كذلك إلا أنه نصب " الكواكب " بالمصدر الذي هو زينة . والمعنى بأن زينا الكواكب فيها . ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعني ، كأنه قال : إنا زيناها " بزينة " أعني " الكواكب " . وقيل : هي بدل من زينة على الموضع . ويجوز " بزينة الكواكب " بمعنى أن زينتها الكواكب . أو بمعنى هي الكواكب . الباقون " بزينة الكواكب " على الإضافة . والمعنى زينا السماء الدنيا بتزيين الكواكب ، أي بحسن الكواكب . ويجوز أن يكون كقراءة من نون إلا أنه حذف التنوين استخفافا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ} (6)

ولما كانت المشارق تقتضي الفيض والإظهار ، أتبع ذلك نتيجته بما من شأنه الشروق والغروب ولو بمجرد الخفاء والظهور ، فقال مؤكداً مع لفت الكلام إلى التكلم في مظهر العظمة تنبيهاً على أن فعلهم فعل من ينكر ما للنجوم من الزينة وما تدل عليه من عظمته سبحانه وتعالى ، وفخم التعبير عن الزينة بتضعيف الفعل لمثل ذلك : { إنا زينا } أي بعظمتنا التي لا تدانى { السماء } ولما كانوا لا يرون إلا ما يليهم من السماوات ، وكانت زينة النجوم ظاهرة فيها قال : { الدنيا } أي التي هي أدنى السماوات إليكم .

ولما أشير إلى أن الصف زينة في الباطن باتحاد القصد كما أنه زينة في الظاهر بحسن الشكل وبديع الرصف ، زيد في التنبيه على ذلك بإعادة ما فهم من " زينا " في قوله : { بزينة الكواكب * } أي بالزينة التي للنجوم النيرة البراقة المتوقدة الثابتة في محالها - قارة أو مارة - المرصعة في السماء ترصيع المسامير الزاهرة كزهر النور المبثوث في خضرة الرياض الناضرة ، فهي مع عدم التنوين والخفض إضافة بيانية كثوب خز ، ومن نوّن الزينة فإن خفض الكواكب فعلى البدل ، أي بالكواكب التي هي زينة ، وإن نصب فعلى المدح بتقدير أعني ، أو على أنه بدل اشتمال من السماء ، أي كواكبها ، إما بكونها فيما دونها من الجو فبظن أنها فيها ، أو يكونها فيها من جانبها الذي يلينا ، أو بكونها تشف عنها وإن كان بعضها فيما هو أعلى منها ، وزينتها انتظامها وارتسامها على هذا النظم البديع في أشكال متنوعة وصور مستبدعة ما بين صغار وكبار ، منها ثوابت ومنا سيارة وشوارق وغوارب - إلى غير ذلك من الهيئات التي لا تحصى ، ولا حد لها عند العباد العجزة فيستقصى .