23- { فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون } .
أقسم الحق سبحانه وتعالى بنفسه ، على أن الرزق والغيب والقدر بيده ، وذكر المفسرون أن القسم شامل لكل ما تقدم في هذه السورة من أولها .
والمعنى : فورب السماء والأرض ، إن كل ما تقدم في هذه السورة من أخبار وأحوال ، وأوصاف وتذكير ، حق واقع ، وأمر ثابت لا يرقى إليه شك ، ولا يختلف في أحقيته أحد ، وكما أنكم لا تشكون في أنكم تنطقون ، ينبغي ألا تشكوا في حقيقته ، فهو كما نقول : إن هذا حق مثل ما أنك تبصر وتسمع .
أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن أنه قال فيها : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( قاتل الله قوما أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا ) .
فلما بين الآيات ونبه عليها تنبيهًا ، ينتبه به الذكي اللبيب ، أقسم تعالى على أن وعده وجزاءه حق ، وشبه ذلك ، بأظهر الأشياء [ لنا ] وهو النطق ، فقال : { فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ } فكما لا تشكون في نطقكم ، فكذلك لا ينبغي الشك في البعث بعد الموت{[848]} .
ولما أقسم بما له من المقدورات لمن وقف مع المحسوسات المشهورات ، فترقوا بذلك إلى أعلى الدرجات ، وانكشف ما له من الكمال انكشافاً تاماً ، وعلم أن في خزائنه سبحانه كل ما أخبرت عنه به الرسل من وعد ووعيد ، سبب عنه قوله مقسماً بنفسه الأقدس لكن بصفة مألوفة فقال : { فورب } أي مبدع ومدبر { السماء والأرض } بما أودع فيهما مما علمتموه وما{[61352]} لم تعلموه { إنه } أي الذي توعدونه من الخير والشر والجنة والنار وتقدم الإقسام عليه أنه صادق { لحق } أي ثابت يطابقه الواقع فقد جمع الحق مع{[61353]} الصدق { مثل ما أنكم } أي وأنتم مساوون لبقية ما في الأرض من الجمادات وغيرها { تنطقون{[61354]} * } نطقاً مجدداً في كل وقت مستمراً ، ليس{[61355]} هو بخيال ولا سحر ، {[61356]}أي أن{[61357]} ذلك لحق مثل ما أن هذا حق ، فالذي جعل لكم قوة النطق من بين ما في الأرض بأسباب لا ترونها وتحصونها ، ومع ما عداكم من{[61358]} ذلك بأسباب مثل ذلك-{[61359]} قادر على الإتيان بوعده من الرزق وغيره ما دمتم تحتاجون إلى ذلك بما جعل فيكم من الحياة التي يصح بها العلم الناشىء عنه النطق المحوج إلى الرزق من أي جهة أرادوا ، وإن لم تروا أسبابه كما أنه لو أراد لأنطق جميع من في السماوات والأرض من الجمادات بما يقيمه لها من الأسباب التي أقامها لكم وإن لم تروا ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.