تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ} (4)

المفردات :

إن كل نفس : ما كل نفس ، وهذه الجملة جواب القسم .

لمّا عليها : إلا عليها .

حافظ : رقيب ، وهو الله أو الملائكة تحفظ عملها من خير وشر .

التفسير :

4- إن كل نفس لمّا عليها حافظ .

ما كل نفس إلا عليها حافظ ، أي مهيمن ورقيب وهو الله تعالى ، كما في قوله سبحانه : وكان الله على كل شيء رقيبا . ( الأحزاب : 52 ) .

وقيل : معنى حافظ . الملائكة الكرام الذين يحفظون الإنسان من النوائب والمصائب ، ويسجلون عليه أعماله ، خيرها وشرها .

كما في قوله تعالى : وإن عليكم لحافظين* كراما كاتبين . ( الانفطار : 10 ، 11 ) .

قال ابن كثير :

أي : كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات . اه .

قال تعالى : له معقّبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله . . . ( الرعد : 11 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ} (4)

والمقسم عليه قوله : { إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } يحفظ عليها أعمالها الصالحة والسيئة ، وستجازى بعملها المحفوظ عليها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ} (4)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ما من نفس لما عليها حافظ من الملائكة يكتبون حسناته وسيئاته.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"إن كُلّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ "اختلفت القرّاء في قراءة ذلك؛

فقرأه من قرّاء المدينة أبو جعفر، ومن قرّاء الكوفة حمزة "لَمّا عَلَيْها" بتشديد الميم... عن الحسن أنه كان يقرأها: "إنْ كُلّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ" مشدّدة، ويقول: إلاّ عليها حافظ، وهكذا كلّ شيء في القرآن بالتثقيل.

وقرأ ذلك من أهل المدينة نافع، ومن أهل البصرة أبو عمرو: «لَمَا» بالتخفيف، بمعنى: إن كلّ نفس لعليها حافظ...

والقراءة التي لا أختار غيرها في ذلك: التخفيف، لأن ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب...

فتأويل الكلام: إذن: إن كلّ نفس لَعَليها حافظ من ربها، يحفظ عملها، وَيُحْصِي عليها ما تكسب من خير أو شرّ... عن ابن عباس، قوله: «إنْ كُلّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْها حافِظٌ» قال: كلّ نفس عليها حفظة من الملائكة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... فيه إلزام التيقظ والتبصر، والنفس من طبعها إذا سلط عليها من يراقبها، ويحفظها، احتشمت من مراقبها، وخافته، وتكون متيقظة، ولا ترتكب من الأمور إلا ما يعلم أنه لا تلحقه التبعة من الحفاظ. والمرء يسلط عليه الملكان أيضا ليكون متيقظا في كل قول وفعل، فلا يقبل إلا إلى ما فيه نفع العاجل والآجل. وسمى الله تعالى الملكين {كراما كاتبين} [الانفطار: 11] ومن صحب المكرم من الخلائق احتشم منه، وتوقى عن إتيان ما يستحيى من مثله. ومن أراد أن يكتب إلى أحد كتابا، لم يثبت في كتابه شيئا، يؤخذ عليه، ويذم به، بل يحكم الأمر، ويصلحه غاية ما يحتمله الوسع، فكان في ذكر الحافظ على الأنفس إلزام التيقظ والتبصر من الوجه الذي ذكرنا...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إن} بالتخفيف من الثقيلة في قراءة الجمهور أي- أن الشأن {كل نفس} أي من الأنفس مطلقاً لا سيما نفوس الناس {لما عليها} أي بخصوصها لا مشارك لها في ذاتها {حافظ} أي رقيب عتيد لا يفارقها، والمراد به الجنس من الملائكة، فبعضهم لحفظها من الآفات، وبعضهم لحفظها من الوساوس، وبعضهم لحفظ أعمالها وإحصائها بالكتابة، وبعضهم لحفظ ما كتب لها من رزق وأجل و شقاوة أو سعادة ومشي ونكاح وسفر وإقامة، فلا يتعدى شيئاً من ذلك، نحن قسمنا، نحن قدرنا، فإن قلت: إن الحافظ الملائكة، صدقت، وإن قلت: إنه الله، صدقت، لأنه الآمر لهم والمقدر على الحفظ، والحافظ لهم من الوهن والزيغ، فهو الحافظ الحقيقي... والتقدير: ما كل نفس موجودة إلا نفس كائناً أو كائن عليها حافظ...

وأقسم سبحانه وتعالى على ذلك تحقيقاً وتأكيداً يناسب القصد المذكور...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

يقسم بالسماء ونجمها الثاقب: أن كل نفس عليها من أمر الله رقيب: (إن كل نفس لما عليها حافظ).. وفي التعبير بصيغته هذه معنى التوكيد الشديد.. ما من نفس إلا عليها حافظ. يراقبها، ويحصي عليها، ويحفظ عنها، وهو موكل بها بأمر الله. ويعين النفس لأنها مستودع الأسرار والأفكار. وهي التي يناط بها العمل والجزاء. ليست هنالك فوضى إذن...

والناس ليسوا مطلقين في الأرض هكذا بلا حارس. ولا مهملين في شعابها بلا حافظ، ولا متروكين يفعلون كيف شاءوا بلا رقيب. إنما هو الإحصاء الدقيق المباشر، والحساب المبني على هذا الإحصاء الدقيق المباشر. ويلقي النص إيحاءه الرهيب حيث تحس النفس أنها ليست أبدا في خلوة -وإن خلت- فهناك الحافظ الرقيب عليها حين تنفرد من كل رقيب، وتتخفي عن كل عين، وتأمن من كل طارق. هنالك الحافظ الذي يشق كل غطاء وينفذ إلى كل مستور. كما يطرق النجم الثاقب حجاب الليل الساتر.. وصنعة الله واحدة متناسقة في الأنفس وفي الآفاق...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وجواب القسم هو قوله: {إنْ كل نفس لمَا عليها حافظ} جُعل كناية تلويحية رمزية عن المقصود. وهو إثبات البعث فهو كالدليل على إثباته، فإن إقامة الحافظ تستلزم شيئاً يحفظه وهو الأعمال خيرُها وشرُّها، وذلك يستلزم إرادة المحاسبة عليها والجزاء بما تقتضيه جزاء مُؤخراً بعد الحياة الدنيا لئلا تذهب أعمال العاملين سدى وذلك يستلزم أن الجزاء مؤخر إلى ما بعد هذه الحياة إذ المُشَاهَدُ تخلُّف الجزاء في هذه الحياة بكثرة، فلو أهمل الجزاء لكان إهماله منافياً لحكمة الإله الحكيم مبدع هذا الكون كما قال: {أفحسبتم إنما خلقناكم عبثاً} [المؤمنون: 115] وهذا الجزاء المؤخر يستلزم إعادة حياة للذوات الصادرة منها الأعمالُ. فهذه لوازم أربعة بها كانت الكناية تلويحية رمزية. وقد حصل مع هذا الاستدلال إفادةُ أن على الأنفس حفظةً فهو إدماج. والحافظ: هو الذي يحفظ أمراً ولا يهمله ليترتب عليه غرض مقصود...

وقد تضمن هذا الجواب -زيادةً على إفادته تحقيق الجزاء- إنذاراً للمشركين بأن الله يعلم اعتقادهم وأفعالهم وأنه سيجازيهم على ذلك...

الشعراوي – 1419هـ:

من المعلوم أن كل قسم في القرآن لابد أن تكون له صلة بالمقسم عليه المراد تأكيده، فما علاقة الطارق، الذي هو: {النّجم الثاقب)} بما يقسم عليه الحق سبحانه وتعالى وهو: {إن كلّ نفس لمّا عليها حافظ}.

كلمة: {حافظ} هذه إما أن تؤخذ من الحفظ، بمعنى: الرعاية والعناية من الحافظ للمحفوظ، وإما أن تأتي من الحافظ، الذي هو الرقيب، الذي لا يغيب عنه شيء أبداً، فإذا توجهنا بكلمة: حافظ إلى المعنى الذي يرعى به المحفوظ بحفظه، نجد الحق سبحانه وتعالى يقول في آية أخرى من آياته: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله (11)} [الرعد]. أي أن ذلك الحفظ أمر الله عز وجل، فإن الإنسان تمر عليه أحداث كثيرة لا يمكن لقوته أن تفسرها، ولا لحيلته وأناته ورويته أن تفكر فيها.

ومعنى ذلك أن الحق سبحانه وتعالى وكل بالإنسان من يحفظه من كل ما قد يفوق طاقته، أو قدرته، أو تعجّل أناته، ورويته.

فقول الحق سبحانه وتعالى: {له معقبات من بين يدين ومن خلفه يحفظونه من أمر الله (11)} [الرعد]. يعني: أنك لست متروكاً لرعاية نفسك، ولا للعناية بها، فهناك أحداث وأشياء فوق عنايتك ورعايتك، ولولا أني سخرت لك من جنودي ما لا تعلم ممن يحوطك ويحفظك، لكانت فتكت بك تلك الأشياء.

وهذا يدل على أن الحفظ هنا هو: العناية والرعاية للمحفوظ.

وقد يكون الحفظ معناه: الرقابة، والعلم بكل ما يكون من هذا المحفوظ كما قال الحق عز وجل: {وإنّ عليكم لحافظين (10)} كراماً كاتبين (11)} [الانفطار].

إذن فكلمة: حافظٌ هنا، تعطي ما للإنسان، وتعطي ما على الإنسان؛ لأن كل شيء لك يقابله شيء عليك، والذي لك كان على الله عز وجل، والذي عليك كان لله عز وجل...

ثم تجد المناسبة هنا بين: {وما أدراك ما الطارق، النجم الثاقب}، فكأن الحافظ الرقيب يطلع على الأشياء، كما أن النجم الثاقب يثقب الظلام، وينفذ إلى دقائق الأشياء وتفاصيلها، إذن.. فالقسم نفسه دليل على المقسم عليه...

فالحق سبحانه وتعالى نقلنا من آية كونية إلى آية نفسية... وهنا تتجلى لنا دقة الأداء القرآني في قول الحق سبحانه وتعالى: {إن كلّ نفس لما عليها حافظ}، لأن العطاء الأول لصالح النفس،" النجم الثاقب "حتى نعرف به حركاتنا ومصالحنا، فكأن الحق سبحانه وتعالى يقول لك: كل شيء يعطى لك لابد أن يكون له مقابل، فلا نعتني بك تلك العناية، ثم نتركك، وعنايتنا بك دليل على أن لك مهمة معنا، ولذلك سيبتدئ في شرح الإنسان كقضية كونية أخرى.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ} (4)

قال قتادة : حفظة يحفظون عليك رزقك وعملك وأجلك . وعنه أيضا قال : قرينه يحفظ عليه عمله : من خير أو شر . وهذا هو جواب القسم . وقيل : الجواب " إنه على رجعه لقادر " في قول الترمذي : محمد بن علي . و " إن " : مخففة من الثقيلة ، و " ما " : مؤكدة ، أي إن كل نفس لعليها حافظ . وقيل : المعنى إن كل نفس إلا عليها حافظ : يحفظها من الآفات ، حتى يسلمها إلى القدر . قال الفراء : الحافظ من اللّه ، يحفظها حتى يسلمها إلى المقادير ، وقال الكلبي . وقال أبو أمامة : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : [ وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك البصر ، سبعة أملاك يذبون عنه ، كما يذب عن قصعة العسل الذباب . ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين ] . وقراءة ابن عامر وعاصم وحمزة " لما " بتشديد الميم ، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ ، وهي لغة هذيل : يقول قائلهم : نشدتك لما قمت . الباقون بالتخفيف ، على أنها زائدة مؤكدة ، كما ذكرنا . ونظير هذه الآية قوله تعالى : " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله " {[15924]} [ الرعد : 11 ] ، على ما تقدم . وقيل : الحافظ هو اللّه سبحانه ، فلولا حفظه لها لم تبق . وقيل : الحافظ عليه عقله ، يرشده إلى مصالحه ، ويكفه عن مضاره .

قلت : العقل وغيره وسائط ، والحافظ في الحقيقة هو اللّه جل وعز ، قال اللّه عز وجل : " فالله خير حافظا{[15925]} " [ يوسف : 65 ] ، وقال : " قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن{[15926]} " [ الأنبياء : 52 ] . وما كان مثله .


[15924]:راجع جـ 9 ص 291.
[15925]:آية 65 سورة يوسف.
[15926]:آية 52 سورة الأنبياء.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ} (4)

ولما ذكر الذي دل به على حفظ القرآن عن التلبيس وعلى حفظ الإنسان ، ذكر جوابه في حفظ النفوس التي جعل فيها قابلية لحفظ القرآن في الصدور ، ودل على حفظ ما خلق لأجلها من هذه الأشياء المقسم بها على حفظ الإنسان لأنها إذا كانت محفوظة عن أدنى زيغ وهي مخلوقة لتدبير{[72608]} مصالحه فما{[72609]} الظن به ؟ فقال مؤكداً غاية التأكيد-{[72610]} لما للكفرة{[72611]} من إنكار ذلك والطعن فيه-{[72612]} { إن } بالتخفيف من الثقيلة في قراءة الجمهور أي-{[72613]} أن الشأن{[72614]} { كل نفس } أي من الأنفس مطلقاً لا سيما نفوس الناس { لما عليها } أي بخصوصها {[72615]}لا مشارك لها في ذاتها{[72616]} { حافظ * } أي رقيب عتيد لا يفارقها ، والمراد به الجنس من الملائكة ، فبعضهم لحفظها من الآفات ، وبعضهم لحفظها من الوساوس{[72617]} ، وبعضهم لحفظ أعمالها وإحصائها بالكتابة ، وبعضهم لحفظ ما كتب لها من رزق وأجل و{[72618]}شقاوة أو{[72619]} سعادة {[72620]}ومشي ؟ ونكاح وسفر وإقامة{[72621]} ، فلا يتعدى شيئاً{[72622]} من ذلك {[72623]}نحن قسمنا نحن قدرنا{[72624]} ، فإن قلت : إن الحافظ الملائكة ، صدقت ، وإن قلت : إنه الله ، صدقت ، لأنه الآمر لهم والمقدر على الحفظ{[72625]} ، والحافظ لهم-{[72626]} من الوهن والزيغ ، فهو الحافظ الحقيقي ، واللام في هذه القراءة هي الفارقة بين المخففة والنافية " وما " مؤكدة بنفي صدر-{[72627]} ما أثبتته الجملة ، " وحافظ " خبر " إن " ويجوز أن يكون الظرف الخبر ، و " حافظ " مرتفع به ، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بتشديد " لما " على أنها بمعنى " إلا " و " إن " نافية بمعنى " ما " ، والمستثنى منه " كل نفس " وخبر النافية محذوف تقديره : كائنة أو موجودة أو نحوهما-{[72628]} ، والمستثنى " نفس " موصوفة ب " عليها حافظ " ويحتمل أن يكون حالاً فمحله يحتمل الرفع بأنه خبر النافي في-{[72629]} هذا الاستثناء المفرغ عند{[72630]} بني تميم ، والنصب بأنه خبر {[72631]}عند غيرهم{[72632]} ، أو حال من " نفس " ، لأنها عامة ، والتقدير : ما كل نفس موجودة إلا نفس كائناً أو كائن عليها حافظ ، والنسبة بين مفهومي القراءتين{[72633]} أن المشدد أخص لأنها دائمة مطلقة ، والمخففة مطلقة عامة ، ولا يظن أن المشددة غير مساوية للمخففة ، فضلاً عن أن تكون أخص لأن حرف النفي دخل على " كل " وهو من أسوار السلب الجزئي كما تقرر{[72634]} في موضعه فينحل إلى أن بعض النفوس ليس إلا عليها حافظ وإنما-{[72635]} كان لا يظن ذلك لأنها تنحل لما فيها من الحصر المتضمن للنفي والإثبات إلى جملتين ، إحداهما إثبات الحفظ-{[72636]} للنفس{[72637]} الموصوفة والأخرى سلب{[72638]} نقيضه عنها ، لأنه من قصر الموصوف على الصفة .

ونقيض الكلية الموجبة الجزئية السالبة أي ليس كل نفس عليها حافظ-{[72639]} والسالبة الجزئية أعم من السالبة الكلية ، فإذا نفيتها قلت : ليس ليس كل نفس عليها حافظ فهو سلب السلب الجزئي ، وإذا سلب السلب الجزئي سلب الكلي-{[72640]} لما تبين أنه أخف . وإذا{[72641]} انتفى الأعم انتفى الأخص فلا شيء من الأنفس ليس عليها حافظ ، فانحل الكلام إلى : لا نفس كائنة إلا نفس عليها حافظ ، وإن كان لفظ " ليس كل " من أسوار الجزئية لما مضى ، فصارت الآية على قراءة التشديد مركبة من مطلقة عامة هي " كل نفس عليها{[72642]} حافظ " بالفعل .

ومن سلب نقيضها وهو{[72643]} الدائمة المطلقة-{[72644]} الذي هو " دائماً ليس كل نفس عليها حافظ-{[72645]} " ورفعه بأن يقال : ليس دائماً ليس كل نفس ليس عليها حافظ ، أي ليس دائماً كل نفس ليس عليها حافظ ، و{[72646]}ذلك على سبيل الحصر وقصر الموصوف على الصفة ، معناه أن الموصوف لا يتعدى صفته التي قصر عليها ، فأقل الأمور أن لا يتجاوزها إلى عدم الحفظ ، وذلك معنى الدائمة المطلقة وهو الحكم بثبوت المحمول للموضوع ما دام ذات الموضوع موجودة ، وهي على قراءة التخفيف مطلقة عامة أي حكم فيها بثبوت المحمول للموضوع بالفعل وهو الجزء الأول مما{[72647]} انحلت إليه قراءة التشديد ، فمفهوم الآية في قراءة التشديد أخص منه في قراءة التخفيف ، لأن كل دائم كائن بالفعل ، ولا ينعكس - هذا إذا نظرنا إلى نفس المفهوم من اللفظ مع قطع النظر{[72648]} عن الدلالة الخارجية ، وأما بالنظر إلى نفس الأمر فالجهة الدوام فلا فرق ، غير أنه دل عليها باللفظ في قراءة التشديد دون قراءة التخفيف والله تعالى أعلم .

وقال الإمام{[72649]} أبو جعفر ابن الزبير رحمه الله تعالى : لما قال الله سبحانه وتعالى في سورة البروج

{ والله على كل شيء شهيد }[ البروج : 9 ]

{ والله من ورائهم محيط }[ البروج : 20 ] وكان {[72650]}في ذلك{[72651]} تعريف العباد بأنه سبحانه وتعالى {[72652]}لا يغيب عنه{[72653]} شيء ولا يفوته {[72654]}شيء ولا ينجو منه{[72655]} هارب ، أردف ذلك بتفصيل يزيد {[72656]}إيضاح ذلك{[72657]} التعريف الجملي من شهادته سبحانه وتعالى على كل شيء وإحاطته به{[72658]} فقال تعالى { إن كل نفس لما عليها حافظ } [ الطارق : 4 ] فأعلم الله سبحانه وتعالى بخصوص كل نفس ممن يحفظ أنفاسها " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " ليعلم العبد أنه ليس بمهمل ولا مضيع ، وهو سبحانه وتعالى{[72659]} الغني عن كتب الحفظة وإحصائهم {[72660]}وشهادة الشهود من الأعضاء وغيرهم ، وإنما كان ذلك لإظهار عدله سبحانه وتعالى

{ إن الله لا يظلم مثقال ذرة }[ النساء : 40 ] ولا أقل من المثقال{[72661]} ، ولكن هي سنته حتى لا يبقى لأحد حجة ولا تعلق ، وأقسم سبحانه وتعالى على ذلك تحقيقاً وتأكيداً يناسب القصد المذكور - انتهى .


[72608]:من ظ و م، وفي الأصل: لتدير.
[72609]:من ظ و م، وفي الأصل: مما.
[72610]:زيد من م.
[72611]:من ظ و م، وفي الأصل: للفكرة.
[72612]:زيد من م.
[72613]:زيد من م.
[72614]:من م، وفي الأصل و ظ: شأن.
[72615]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72616]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72617]:من ظ و م، وفي الأصل: الوسواس.
[72618]:من ظ و م، وفي الأصل: شقاء.
[72619]:من ظ و م، وفي الأصل: شقاء.
[72620]:سقط ما بين الرقمين من م.
[72621]:سقط ما بين الرقمين من م.
[72622]:من م، وفي الأصل و ظ: شيء.
[72623]:سقط ما بين الرقمين من م.
[72624]:سقط ما بين الرقمين من م.
[72625]:من ظ و م، وفي الأصل: القط.
[72626]:زيد من ظ و م.
[72627]:زيد من ظ و م.
[72628]:زيد من ظ و م.
[72629]:زيد من ظ و م.
[72630]:من ظ و م، وفي الأصل: عنه.
[72631]:من ظ و م، وفي الأصل: عندهم.
[72632]:من ظ و م، وفي الأصل: عندهم.
[72633]:من ظ، وفي الأصل و م: القرآين.
[72634]:من ظ و م، وفي الأصل: تقدر.
[72635]:زيد من ظ و م.
[72636]:زيد من ظ و م.
[72637]:زيد في الأصل و ظ: المحفوظة، ولم تكن الزيادة في ظ م فحذفناها.
[72638]:من ظ و م، وفي الأصل: سبب.
[72639]:زيد من ظ و م.
[72640]:زيد من ظ و م.
[72641]:من ظ و م، وفي الأصل: لما.
[72642]:تكرر في الأصل فقط.
[72643]:من ظ و م، وفي الأصل: هي.
[72644]:زيد من ظ و م.
[72645]:زيد من ظ و م.
[72646]:زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72647]:من ظ و م، وفي الأصل: بما.
[72648]:زيد في الأصل و ظ: الكلي، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[72649]:في ظ و م: الأستاذ.
[72650]:من م، وفي الأصل و ظ: ذلك.
[72651]:من م، وفي الأصل و ظ: ذلك.
[72652]:من ظ و م، وفي الأصل: لا يخفى عليه.
[72653]:من ظ و م، وفي الأصل: لا يخفى عليه.
[72654]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72655]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72656]:من ظ و م، وفي الأصل: إيضاحا لذلك.
[72657]:من ظ و م، وفي الأصل: إيضاحا لذلك.
[72658]:من ظ و م، وفي الأصل: بكل شيء.
[72659]:زيد في الأصل: هو، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72660]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72661]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.