قوله : { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } . قد تقدم في سورة «هود » : التخفيف والتشديد في «لما » ، فمن خففها - هنا - كانت «إنْ » : مخففة من الثقيلة ، و«كل » : مبتدأ ، و«عليها » : خبر مقدم ، و«حافظ » : مبتدأ مؤخر ، والجملة خبر «كل » ، و«ما » : مزيدة بعد اللام الفارقة ، ويجوز أن يكون «عليها » : هو الخبر وحده ، و«حافظ » : فاعل به ، وهو أحسن ، ويجوز أن يكون «كل » : مبتدأ ، و«حافظ » : خبره ، و«عليها » متعلق به ، و«ما » : مزيدة أيضاً ، هذا كله تفريع على قول البصريين .
وقال الكوفيون : «إنْ » هنا : نافية ، واللام بمعنى «إلاّ » إيجاباً بعد النفي ، و«ما » : مزيدة وتقدم الكلام في هذا مستوفى .
قال الفارسي : ويستعمل «لما » بمعنى : «إلاَّ » في موضعين :
أحدهما : هذا ، والآخر : في باب القسم ، تقول : سألتك لما فعلت .
ورُوِيَ عن الكسائيِّ والأخفش وأبي عبيدة أنهم قالوا : لم نجد «لما » بمعنى : «إلا » في كلام العرب .
وأما قراءة التشديد : ف «إن » نافية ، و«لمَّا » بمعنى : «إلا » وتقدمت شواهد ذلك في سورة «هود »{[59808]} .
وحكى هارون : أنه{[59809]} قرئ «إنَّ » بالتشديد ، «كُلَّ » بالنصب على أنه اسمها ، واللام : هي الدالخة في الخبر ، و«ما » : مزيدة ، و «حافظ » : خبرها .
وعلى كل تقدير ف «إن » وما في خبرها : جواب القسم سواء جعلها مخففة أو نافية .
وقيل : الجواب : { إِنَّهُ على رَجْعِهِ } [ الطارق : 8 ] وما بينهما اعتراض ؛ وفيه بعد .
فصل في المراد بالحافظ{[59810]}
قال قتادةُ : «حافظ » أي : حفظة يحفظون عليك رزقك وعملك وأجلك ، قال تعالى : { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } [ الأنعام : 61 ] ، وقال تعالى : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ } [ الانفطار : 10 ، 11 ] ، وقال تعالى : { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله } [ الرعد : 11 ] .
وقيل : الحافظ : هو الله تعالى .
وقيل : الحافظ : هو العقل يرشد الإنسان إلى مصالحه ، ويكفّه عن مضارِّه .
قال القرطبي{[59811]} : العقل وغيره وسائط ، والحافظ في الحقيقة هو الله تعالى ، قال الله تعالى : { فالله خَيْرٌ حَافِظاً } [ يوسف : 64 ] ، وقال تعالى : { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بالليل والنهار مِنَ الرحمان } [ الأنبياء : 42 ] وما كان مثله .
قال ابن الخطيب{[59812]} : المعنى : لما كانت كل نفس عليها حافظ ، وجب أن يجتهد كل واحد ، ويشتغل بالمهم ، وأهم الأشياء معرفة المبدأ والمعاد والمبدأ يقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.