فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ} (4)

{ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } هذا جواب القسم ، وما بينهما اعتراض ، وقد تقدّم في سورة هود اختلاف القرّاء في : «لما » ، فمن قرأ بتخفيفها كانت إن هنا هي المخففة من الثقيلة فيها ضمير الشأن المقدّر ، وهو اسمها واللام هي الفارقة ، وما مزيدة : أي إن الشأن كل نفس لعليها حافظ ، ومن قرأ بالتشديد فإن نافية ، ولما بمعنى إلا : أي ما كل نفس إلاّ عليها حافظ ، وقد قرأ هنا بالتشديد ابن عامر وعاصم وحمزة . وقرأ الباقون بالتخفيف . قيل : والحافظ هم الحفظة من الملائكة الذين يحفظون عليها عملها وقولها وفعلها ، ويحصون ما تكسب من خير وشرّ وقيل : الحافظ هو الله عزّ وجلّ .

وقيل : هو العقل يرشدهم إلى المصالح ، ويكفهم عن المفاسد ، والأوّل أولى لقوله : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين } [ الانفطار : 10 ] وقوله : { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } [ الأنعام : 61 ] وقوله : { لَهُ معقبات مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ } [ الرعد : 11 ] والحافظ على الحقيقة هو الله عزّ وجلّ ، كما في قوله : { فالله خَيْرٌ حافظا } [ يوسف : 64 ] وحفظ الملائكة من حفظه ، لأنهم بأمره .

/خ17