فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِن كُلُّ نَفۡسٖ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٞ} (4)

{ إن كل نفس لما عليها حافظ } هذا جواب القسم ، وما بينهما اعتراض جيء به لتأكيد فخامة القسم المستتبع لتأكيد مضمون الجملة المقسم عليها ، وقد تقدم في سورة هود اختلاف القراء في " لما " فمن قرأ بتخفيفها كانت إن هنا هي المخففة من الثقيلة فيها ضمير الشأن المقدر وهو اسمها ، واللام هي الفارقة و " ما " مزيدة ، وهذا كله تفريع على قول البصريين أي أن الشأن كل نفس لعليها حافظ .

ومن قرأ بالتشديد فإن نافية ، ولما بمعنى إلا أي ما كل نفس إلا عليها حافظ ، قيل والحافظ هم الحفظة من الملائكة الذين يحفظون عليها عملها وقولها وفعلها ، ويحصون ما تكسب من خير وشر ، وقيل الحافظ هو الله عز وجل .

وعدى حافظ بعلى لتضمينه معنى القيام ، فإنه تعالى قائم على خلقه بعلمه واطلاعه على أحوالهم وقيل هو العقل يرشدهم إلى المصالح ويكفهم عن المفاسد ، والأول أولى لقوله { وإن عليكم لحافظين } وقوله { ويرسل عليكم حفظة } وقوله { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه } والحافظ في الحقيقة هو الله عز وجل كما في قوله { فالله خير حافظا } وقوله { وكان الله على كل شيء رقيبا } فإن الممكنات كما تحتاج إلى الواجب لذاته في وجودها تحتاج إليه في بقائها ، وحفظ الملائكة من حفظه لأنهم يحفظونه بأمره .