تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (40)

المفردات :

حاصبا : سحابا أو ريحا تحصبهم بالحجارة .

الصيحة : تموّج شديد في الهواء ، يحدث هزة عنيفة مهلكة .

خسفنا به الأرض : غيبناه في جوفها .

التفسير :

40-فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .

عقاب السماء

أرسل الله ألوان العذاب على المكذبين ، وكانت عقوبتهم أربعة أنواع :

1- الريح العاصفة تحمل الحصباء [ الحجارة الصغيرة ] فتلقى عليهم ، وتقتلعهم من الأرض ، ثم تصرعهم فيصبحون جثثا هامدة كقوم عاد .

2- الصيحة الشديدة ، التي زلزلت نفوسهم وبيوتهم ، وأخمدت أصواتهم مثل ثمود وأهل مدين .

3- الخسف بالإنسان وكنوزه وأمواله مثل قارون ، الذي اختال وتكبر وطغى ؛ فخسف الله به وبداره الأرض .

4- الغرق : كما أغرق الله فرعون في ماء النيل ، وجعل الله نهايته عبرة وعظة لهلاك ملك قوي ، لكنه ظلم وبغى فاستحق الغرق والهلاك .

{ وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون }

إن الله تعالى عادل لا يظلم مثقال ذرة : { ولا يظلم ربك أحدا } [ الكهف : 49 ] .

فهو سبحانه وتعالى لم يظلمهم حين عاقبهم بالهلاك على أي وجه من الوجوه السابقة ، ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والعدوان ، وترك طرق الهداية واتباع سبل الغواية .

قال تعالى : { وثمود الذي جابوا الصخر بالواد* وفرعون ذي الأوتاد* الذين طغوا في البلاد* فأكثروا فيها الفساد*فصب عليهم ربك سوط عذاب*إن ربك لبالمرصاد } [ الفجر : 9-14 ] .

وقال تعالى : { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد } [ فصلت : 46 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (40)

{ فَكُلا } من هؤلاء الأمم المكذبة { أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ } على قدره ، وبعقوبة مناسبة له ، { فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا } أي : عذابا يحصبهم ، كقوم عاد ، حين أرسل اللّه عليهم الريح العقيم ، و { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ }

{ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ } كقوم صالح ، { وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ } كقارون ، { وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا } كفرعون وهامان وجنودهما .

{ وَمَا كَانَ اللَّهُ } أي : ما ينبغي ولا يليق به تعالى أن يظلمهم لكمال عدله ، وغناه التام عن جميع الخلق . { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } منعوها حقها التي هي بصدده ، فإنها مخلوقة لعبادة اللّه وحده ، فهؤلاء وضعوها في غير موضعها ، وأشغلوها بالشهوات والمعاصي ، فضروها غاية الضرر ، من حيث ظنوا أنهم ينفعونها .