تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

المفردات :

لقد خلقنا الإنسان في كبد : جواب القسم . والكبد : النصب والمشقة ومكابدة الشدائد .

التفسير :

4- لقد خلقنا الإنسان في كبد .

وهذا هوا جواب القسم .

أي : لقد خلقنا الإنسان في مشقة ومعاناة طويلة ، حيث يمر بمراحل في بطن أمه ، وبمراحل متعددة في انتقاله من الطفولة إلى الفتوّة ، إلى الشباب والرجولة والكهولة والشيخوخة ، ثم المرض والموت وحياة القبر والبعث والحساب ، والميزان والصراط ، والجنة أو النار .

والكبد : المشقة والجهد والمعاناة التي يمر بها الإنسان في حياة الدنيا ، وحياة الآخرة .

وإذا سأل سائل وقال : لماذا أقسم الله بمكة وبحياة النبي صلى الله عليه وسلم بها ، ولكل والد وما ولد ، على أنه خلق الإنسان في كبد ومشقة ومعاناة ؟

كان الجواب : نزلت هذه الآيات والمؤمنون بمكة يتعرضون للأذى والاضطهاد ، ويقاسون صنوف التعذيب والآلام ، فكأن القرآن يقول :

تلك ضريبة الحياة ، وهي الكبد والمشقة ، ولأن تكون المشقة في أمر عظيم ، هو نشر رسالة وإحياء دعوة أفضل من أن تكون في سبيل عرض من أعراض الدنيا .

وطعم الموت في شيء حقير *** كطعم الموت في شيء عظيم

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

{ لقد خلقنا الإنسان في كبد } أي مشقة يكابد أمر الدنيا والآخرة وشدائدهما وقيل منتصبا معتدلا

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِي كَبَدٍ} (4)

{ لقد خلقنا } أي بما لنا من القدرة التامة والعظمة التي لا تضاهى { الإنسان } أي هذا النوع { في كبد * } أي شدة شديدة ومشقة عظيمة محيطة به إحاطة الظرف بالمظروف ، لو وكله سبحانه وتعالى في شيء منها إلى نفسه هلك ، ولولا هذه البلايا لادعى ما لا يليق به من عظيم المزايا ، وقد ادعى بعضهم مع ذلك الإلهية وبعضهم الاتحاد برب العباد - تعالى الله عن قولهم الواضح الفساد ، بما قرنه به سبحانه وتعالى من الموت والمرض وسائر الأنكاد ، فعل سبحانه ذلك ليظهر بما للعبد من الضعف والعجز - مع ما منحه به من القوى الظاهرة والباطنة في القول والفعل والبطش والعقل - ما له سبحانه من تمام العلم وشمول القدرة ، وليظهر من خلقه له على هذه الصفة ، علم جميع ما في السورة ، فعلم قطعاً إنكار ظنه لتناهي قدرته وتعالي عظمته ، وفساد هذا الظن بشاهد العقل من حيث كونه مصنوعاً ، وبشاهد الوجود من أجل أنه يسلك طريق الشر ولا يقدر على طريق الخير إلا بالتوفيق ، فعلم قطعاً إعجاز السورة لأنه لا قدرة لمخلوق على أن يأتي بجملة واحدة تجمع جميع ما وراءها من الجمل - هذا إلى ما لها من فنون الإيجاز التي وصلت إلى حد الإعجاز ، هذا إلى ما لبقية الجمل من الإعجاز في حسن الرصف وإحكام التركيب والربط والمراعاة بالألفاظ للمعاني إلى غير ذلك مما لا يبلغ كنهه إلى منزله سبحانه وعز شأنه ، وعلم أن الإكرام والإهانة ليستا دائرتين على التنعيم في الدنيا والتضييق كما تقدم شرحه في سورة الفجر ،