تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (5)

المفردات :

بآياتنا : هي الآيات التسع التي أجراها الله على يد موسى عليه السلام ، وهي : الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا ويده والسنون ونقص من الأموال والأنفس والثمرات .

من الظلمات : من الكفر والجهالات المشبهات للظلمات .

إلى النور : إلى الإيمان بالله وتوحيده فهو النور الهادي إلى سواء السبيل .

وذكرهم بأيام الله : أي : بوقائعه التي وقعت على الأمم السابقة ، يقال : فلان عالم بأيام العرب ، أي : بحروبها وملاحمها .

صبار شكور : كثير الصبر ، كثير الشكر .

التفسير :

{ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور . . . } .

هذا تفريع على إرسال كل رسول بلسان قومه ؛ ليبين لهم .

والمعنى : كما أرسلناك يا محمد بلسان قومك ؛ لتبين لهم ، أرسلنا موسى عليه السلام بآياتنا ، وهي الآيات التسع : الطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والعصا ، ويده ، والسنون ، والنقص من الثمرات .

أو المراد بالآيات : آيات التوراة ، ويمكن أن يراد بالآيات : ما هو أعم وأشمل فتشمل الآيات التسع ، وآيات التوراة .

{ أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور } .

أي : ادع قومك إلى الإيمان وترك الكفر ، وبذلك تخرجهم من ظلمات الكفر وضلاله ، إلى نور الإيمان وهدايته .

{ وذكرهم بأيام الله } . أي : ذكرهم بنعم الله عليهم ، حين نجاهم من فرعون ، وفلق بهم البحر ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، وأنقذهم من فرعون وقومه ؛ فأيام الله يراد بها : المحن التي نجاهم الله منها ، والنعم التي أكرمهم الله بها ، أو ذكرهم بوقائع الله في القرون الأولى .

{ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } .

أي : إن في ذلك التذكير بنعم الله ونقمه ؛ لآيات واضحات ، ودلائل بينات على وحدانية الله تعالى وقدرته ، وعلمه وحكمته ، لكل صبار في المحنة والابتلاء ، شكور في النعمة والمنحة .

جاء في تفسير ابن كثير : قال قتادة : نعم العبد عبد إذا ابتلي ؛ صبر ، وإذا أعطي ؛ شكر .

وكذا جاء في الصحيح : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن أمر المؤمن كله عجب ، لا يقضى له قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته ضراء ؛ صبر ؛ فكان خير له ، وإن أصابته ؛ سراء ؛ شكر فكان خيرا له )3 .