تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّمَّا كَسَبُواْۚ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (202)

{ أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب }

200

إن المؤمن خليفة الله في الأرض وقد طلب من الخليفة ألا يحصر نفسه في دائرة الأرض وعليه أن يتطلع إلى ما عند الله وأن يطلب في دعائه حسنة الدنيا و حسنة في الآخرة .

{ أولئك لهم نصيب مما كسبوا }

واسم الإشارة يعود إلى الفريق الثاني فريق الإسلام أي لهم ثواب الحج أو ثواب الدعاء فإن دعاء المؤمن عبادة وقيل إن الإشارة تعود إلى الفريقين أي لكل من الفريقين نصيب من عمله على قدر ما نواه .

وهو مثل قوله تعالى : { ولكل درجات مما عملوا } . ( الأنعام : 132 ) .

{ والله سريع الحساب } : فيوفي لكل كاسب أجره عقب ماله ، فالله عز وجل عالم بما للعباد وما عليهم فلا يحتاج إلى ذكر و تأمل إذ قد علم ما للمحاسب وما عليه .

وقيل المعنى لا يشغله شأن عم شأن فيحاسبهم في حالة واحدة كما قال سبحانه : { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } . ( لقمان : 28 ) .

قال الحسن : حسابه أسرع من لمح البصر .

وقيل لعلي بن أبى طالب رضي الله عنه كيف يحاسب الله العباد في يوم ؟ قال : كما يرزقكم في يوم ، ومعنى الحساب : تعريف الله عباده مقادير لجزاء على أعمالهم وتذكيرهم إياهم بما قد نسوه .

قلت والكل محتمل فيأخذ العبد لنفسه في تخفيف الحساب عنه بالأعمال الصالحة ، وإنما يخفف الحساب في الآخرة علة من حاسب نفسه في الدنيا( 127 ) .

وفي هذه الجملة الأخيرة من الآية وعد من الله لعباده أنهم متى تضرعوا إليه بقلب سليم أجاب لهم دعاءهم وأعطاهم سؤالهم .

* * *