تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{هَٰذَا كِتَٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيۡكُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّا كُنَّا نَسۡتَنسِخُ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (29)

24

المفردات :

ينطق : يشهد .

نستنسخ : نستكتب الملائكة أعمالكم ، ونثبت ونحفظ .

التفسير :

29- { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } .

هذا كتاب أعمالكم يشهد عليكم بالعدل والصدق ، فقد كان الحفظة يكتبون أعمالكم ويسجلون حسناتكم وسيئاتكم ، وكلمة نستنسخ بمعنى نكتب ، وحقيقة النسخ : هو النقل من أصل إلى آخر .

قال ابن عباس : تكتب الملائكة أعمال العباد ، ثم تصعد بها إلى السماء ، فيقابل الملائكة الموكلون بديوان الأعمال ما كتبه الحفظة مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر ، مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم ، فلا يزيد حرفا ولا ينقص حرفا ، فذلك هو الاستنساخ ، وكان ابن عباس يقول : ألستم عربا ، وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل8 .

وفي فتح القدير :

{ إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } .

أي : نأمر الملائكة بنسخ أعمالكم ، أي بكتابتها وتثبيتها ، وقيل : إن الملائكة إذا رفعت أعمال العباد إلى الله سبحانه أمر عز وجل أن يثبت عنده منها ما فيه ثواب وعقاب ، ويسقط منها ما لا ثواب فيه ولا عقاب . اه .

وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : { ووضع الكتاب وجاء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون } . ( الزمر : 69 ) .

وقوله عز شأنه : { ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا } . ( الكهف : 49 ) .

وقال علي رضي الله عنه : إن لله ملائكة ينزلون كل يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم .

وهذا يدل على أن الكتابة هنا رمز لطرق الإثبات والاستيثاق والحفظ وتسجيل الأعمال ، حتى ليفاجأ العبد بأن كل ما عمله مسجل محفوظ ، كما قال سبحانه : { أحصاه الله ونسوه . . . } ( المجادلة : 6 ) .