البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{هَٰذَا كِتَٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيۡكُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّا كُنَّا نَسۡتَنسِخُ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (29)

{ هذا كتابنا } ، هو الذي دعيت إليه كل أمة ، وصحت إضافته إليه تعالى لأنه مالكه والآمر بكتبه وإليهم ، لأن أعمالهم مثبتة فيه .

والإضافة تكون بأدنى ملابسة ، فلذلك صحت إضافته إليهم وإليه تعالى .

{ ينطق عليكم } : يشهد بالحق من غير زيادة ولا نقصان .

{ إنا كنا نستنسخ } : أي الملائكة ، أي نجعلها تنسخ ، أي تكتب .

وحقيقة النسخ نقل خط من أصل ينظم فيه ، فأعمال العباد كأنها الأصل .

وقال الحسن : هو كتب الحفظة على بني آدم .

وعن ابن عباس : يجعل الله الحفظة تنسخ من اللوح المحفوظ كل ما يفعل العباد ، ثم يمسكونه عندهم ،

فتأتي أفعال العباد على نحو ذلك ، فبعيد أيضاً ، فذلك هو الاستنساخ ، وكان يقول ابن عباس : ألستم عرباً ؟ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل ؟