تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قَالَ فَٱهۡبِطۡ مِنۡهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخۡرُجۡ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّـٰغِرِينَ} (13)

المفردات :

فاهبط : أي : فانزل ، والهبوط : الانحدار والسقوط من مكان إلى ما دونه ، أو من منزلة إلى ما دونها ، فهو إما حسي وإما معنوي .

أن تتكبر : التكبر : جعل الإنسان نفسه أكبر مما هي عليه .

من الصاغرين : أي : من الأذلاء المحقرين ، وهو جمع صاغر .

التفسير :

قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين .

أي : اهبط في السماء التي هي محل المطيعين من الملائكة ، الذين لا يعصون الله فيما أمرهم ، إلى الأرض التي هي مقر من يعصي ويطيع .

أو اهبط من الجنة بسبب عصيانك لأمري وخروجك عن طاعتي ، وقيل : إن الضمير يعود على روضة كانت على مرتفع في الأرض ، خلق فيها آدم .

فما يكون لك أن تتكبر فيها . فإن السماء أو إن الجنة لا تصلح لمن يستكبر ، ويعصى أم ربه مثلك .

فاخرج إنك من الصاغرين . أي : اخرج من الجنة ؛ فأنت من أهل الصغار والهوان على الله وعلى أوليائه ؛ لتكبرك وغرورك .

وكل من تردى برداء الاستكبار ؛ عوقب بلبس رداء الهوان والصغار ، ومن لبس رداء التواضع ؛ رفع الله قدره .

قال تعالى : ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . . . ( الأنفال : 53 ) .

وجاء في تفسير القرآني للقرآن :

( الضمير منها يعود إلى المنزلة التي كان فيها إبليس قبل هذه المعصية والهبوط هنا : هبوط معنوي .

والمعنى : اخرج أيها الشيطان المريد من هذه النعمة التي خولتك إياها ورفعت بها منزلتك ، حتى اتخذت منها حجة على هذا العصيان لأمري ، فتأبى أن تسجد لمن دعوتك إلى السجود له . . . فما يكون لك أن تتكبر في هذه النعمة ، وتختال بها . . . وها أنت ذا قد أصبحت من الصاغرين ، قد نزع عنك ما كنت تدعيه لنفسك من منزلة تعاليت بها على هذا المخلوق الآدمي ، الذي خلق من طين . . . ! ) ( 33 ) .