فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ فَٱهۡبِطۡ مِنۡهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخۡرُجۡ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّـٰغِرِينَ} (13)

وجملة { قَالَ فاهبط } استئنافية كالتي قبلها ، والفاء لترتيب الأمر بالهبوط على مخالفته للأمر ، أي اهبط من السماء التي هي محل المطيعين من الملائكة الذين لا يعصون الله فيما أمرهم ، إلى الأرض التي هي مقرّ من يعصي ويطيع ، فإن السماء لا تصلح لمن يتكبر ، ويعصى أمر ربه مثلك ، ولهذا قال { فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا } . ومن التفاسير الباطلة ما قيل إن معنى { اهبط مِنْهَا } أي أخرج من صورتك النارية التي افتخرت بها صورة مشوّهة مظلمة ؛ وقيل : المراد هبوطه من الجنة . وقيل من زمرة الملائكة ، وجملة { فاخرج } لتأكيد الأمر بالهبوط ، وجملة { إنك من الصاغرين } تعليل للأمر ، أي إنك من أهل الصغار ، والهوان على الله ، وعلى صالحي عباده ، وهكذا كل من تردّى برداء الاستكبار ، عوقب بلبس رداء الهوان والصغار .

ومن ليس رداء التواضع ألبسه الله رداء الترفع .

/خ18