تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ فَٱهۡبِطۡ مِنۡهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخۡرُجۡ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّـٰغِرِينَ} (13)

الآية 13 وقوله تعالى : { قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها } اختلف فيه : قال بعضهم : قوله تعالى : { قال فاهبط منها } يعني من السماء ؛ لأنه ، لعنه الله ، كان في السماء ، فأمر بالهبوط منها لما جعل السماء معدنا ومكانا للخاضعين المتواضعين ، فأمر بالهبوط منها إلى مكان ؛ جعل ذلك المكان مكان الخاضعين والمتكبرين جميعا ، وهي الأرض ؛ إذ الأرض معدن الفريقين جميعا .

وقال بعضهم : الأمر بالهبوط منها أمر بالخروج من الأرض إلى جزائر البحور لأن الأرض هي قرار أهلها ، وجزائر البحور ليست مكان قرار لأحد ليكون فيها على الخوف أبدا . ألا ترى أنه قال : { وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم } ؟ [ الأنبياء : 31 ] والبحار مما لا تميد بأهلها . وأمكن أن يكون الأمر بالهبوط منها أمرا بالخروج من الصورة التي كان فيها إلى صورة أخرى لا تعرف أبدا ، ولا ترى ، عقوبة له لتركه أمر الله وارتكابه نهيه . { فما يكون لك أن تتكبّر فيها } في تلك الصورة وفي تلك الأرض حتى لا يقرّ أبدا ، ويكون على خوف أبدا . ويحتمل في السماء لما ذكرنا .

وقوله تعالى : { فاخرج إنك من الصاغرين } وجه صغاره أنه ما من أحد ذكره إلا وقد لعنه ، ودعا عليه باللعن ، فذلك صغاره . وأمكن أن يكون صغاره لما صيّره بحال يغيب عن الأبصار ، ولا يقع عليه البصر ، أو لما طرده عن رحمة الله .