{ فلما أنجاهم } أي : هؤلاء الذين ظنوا أنهم أحيط بهم من الشدّة التي كانوا فيها إجابة لدعائهم { إذا هم يبغون } أي : فأجاؤوا الفساد وسارعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر والمعاصي { في الأرض } أي : جنسها { بغير الحق } .
فإن قيل : البغي لا يكون بحق فما معنى قوله بغير ؟ أجيب : بأنه قد يكون بحقًّ كاستيلاء المسلمين على أرض الكفرة وهدم دورهم ، وإحراق زروعهم ، وقطع أشجارهم ، كما فعل صلى الله عليه وسلم ببني قريظة ، فإنّ ذلك إفساد بحق . قال صاحب «المفردات » : البغي على ضربين : أحدهما : غير محمود وهو مجاوزة الحق إلى الباطل وإلى الشبهة ، والآخر : كفعل المسلمين ما ذكر { يا أيها الناس إنما بغيكم } أي : ظلمكم { على أنفسكم } يعود وباله عليها خاصة . قال صلى الله عليه وسلم «أسرع الخير ثواباً صلة الرحم ، وأعجل الشر عقاباً البغي واليمين الفاجرة » . وروي «ثنتان يعجلهما الله تعالى في الدنيا : البغي ، وعقوق الوالدين » . وعن ابن عباس : لو بغى جبل على جبل لدك الباغي . وكان المأمون يتمثل بهذين البيتين في أخيه :
يا صاحب البغي إنّ البغي مصرعة *** فاربع فخير فعال المرء أعدله
فلو بغى جبل يوماً على جبل *** لاندك منه أعاليه وأسفله
وعن محمد بن كعب : ثلاث من كن فيه كن عليه البغي والنكث والمكر . وعلى تقدير الانتفاع بالبغي هو عرض زائل كما قال تعالى : { متاع الحياة الدنيا } أي : لا يتهيأ لكم بغي بعضكم على بعض إلا أياماً قليلة ، وهي مدّة حياتكم مع قصرها وسرعة انقضائها . { ثم إلينا } بعد البعث { مرجعكم } في القيامة { فننبئكم } أي : فنخبركم { بما كنتم تعملون } في الدنيا من البغي والمعاصي فنجازيكم عليها . وقرأ حفص متاع بنصب العين على أنه مصدر مؤكد ، أي : تتمتعون متاع الحياة الدنيا ، والباقون بالرفع على أنه خبر بغيكم وعلى أنفسكم صلته ، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : ذلك متاع الحياة الدنيا وعلى أنفسكم خبر بغيكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.