السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنِّي تَوَكَّلۡتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمۚ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذُۢ بِنَاصِيَتِهَآۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (56)

{ إني توكلت على الله ربي وربكم } أي : فوضت أمري إليه واعتمدت عليه { ما من دابة } تدب على الأرض ويدخل في هذا جميع بني آدم والحيوان ؛ لأنّهم يدبون على الأرض . { إلا هو آخذ بناصيتها } أي : مالكها وقاهرها فلا يقع نفع ولا ضر إلا بإذنه والناصية كما قال الأزهري : عند العرب منبت الشعر في مقدّم الرأس ، وسمي الشعر النابت هنا ناصية باسم منبته ، والعرب إذا وصفوا إنساناً بالذلة والخضوع قالوا : ما ناصية فلان إلا بيد فلان ، وكانوا إذا أسروا الأسير وأرادوا إطلاقه والمنّ عليه جزوا ناصيته ليكون ذلك علامة لقهره ، فخوطبوا في القرآن بما يعرفون من كلامهم { إن ربي على صراط مستقيم } أي : طريق الحق والعدل فلا يظلمهم ولا يعمل إلا بالإحسان والإنصاف فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بعصيانه .