السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَأَنۡهَٰرٗا وَسُبُلٗا لَّعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (15)

ثم إنه تعالى ذكر بعض النعم التي خلقها الله تعالى في الأرض بقوله تعالى : { وألقى في الأرض رواسي } أي : جبالاً ثوابت { أن تميد } أي : كراهة أن تميل وتضطرب { بكم } وقيل : لئلا تميل بكم والأوّل قدره البصريون والثاني قدّره الكوفيون ، وقد تقدّم مثل ذلك في قوله تعالى : { يبين الله لكم أن تضلوا } [ النساء ، 176 ] . روي أن الله تعالى خلق الأرض فجعلت تمور فقالت الملائكة : ما هي بمقرّ أحد على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت وقوله تعالى : { وأنهاراً } عطف على رواسي لأنّ الإلقاء بمعنى الخلق والجعل . ألا ترى أنه تعالى قال في آية أخرى : { وجعل فيها رواسي من فوقها } [ فصلت ، 10 ] . وقال تعالى : { وألقيت عليك محبة مني } [ طه ، 39 ] . وذكر تعالى الأنهار بعد الجبال لأن معظم عيون الأنهار وأصولها تكون من الجبال . { و } جعل لكم فيها { سبلاً } أي : طرقاً مختلفة تسلكون فيها في أسفاركم والتردّد في حوائجكم من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان { لعلكم تهتدون } أي : بتلك السبل إلى مقاصدكم وإلى معرفة الله تعالى فلا تضلون .