السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَأَتَتۡ بِهِۦ قَوۡمَهَا تَحۡمِلُهُۥۖ قَالُواْ يَٰمَرۡيَمُ لَقَدۡ جِئۡتِ شَيۡـٔٗا فَرِيّٗا} (27)

{ فأتت } أي : فلما سمعت هذا الكلام اشتدّ قلبها وزال حزنها فأتت { به } أي : عيسى { قومها } وإن كان فيهم قوّة المحاولة لكل ما يريدون إتيانه البريء الموقن بأنّ الله معه حالة كونها { تحمله } غير مبالية بأحد ولا مستحيية واختلفوا في أنها كيف أتت به ؟ فقيل : ولدته ثم حملته في الحال إلى قومها ، وقيل : احتمل يوسف النجار مريم وابنها إلى غار ومكثت فيه أربعين يوماً حتى طهرت من نفاسها ثم حملته إلى قومها فكلمها في الطريق فقال يا أمّاه أبشري فإني عبد الله ومسيحه فلما دخلت على أهلها ومعها الصبيّ بكوا وحزنوا وكانوا أهل بيت صالحين قال الرازي وليس في القرآن ما يدل على التعيين ثم كأنه قيل فلما أتت به قومها ماذا قالوا لها فقيل : { قالوا يا مريم } ما هذا الولد ؟ لأنّ حالها في إتيانها به أمر عجيب { لقد جئت شيئاً فرياً } أي : عظيماً منكراً فيكون ذلك منهم على وجه الذمّ فهو من أفرى الجلد يقال أفريت الأديم إذا قطعته على جهة الإفساد لا من فريته يقال فريته قطعته على جهة الإصلاح ويدل على أنّ مرادهم الأوّل قولهم بعده .