السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِـۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (136)

{ قولوا آمنا با } خطاب للمؤمنين وقول «الكشاف » : ويجوز أن يكون خطاباً للكافرين أي : قولوا لتكونوا على الحق وإلا فأنتم على الباطل وكذلك قوله تعالى : { قل بل ملة إبراهيم } يجوز أن يكون على تأويل اتبعوا ملة إبراهيم أو كونوا أهل ملته يرده قوله تعالى : { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به } ( البقرة ، 137 ) { وما أنزل إلينا } أي : من القرآن وإنما قدّم ذكره ؛ لأنه أوّل الكتب بالنسبة إلينا أو لأنه سبب للإيمان بغيره { وما أنزل إلى إبراهيم } من الصحف العشرة { وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط } جمع سبط وهو الحاقد وكان الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد حفدة يعقوب أو أبناؤه وذراريهم فإنهم حفدة إبراهيم وإسحاق .

فإن قيل : الصحف إنما أنزلت على إبراهيم أجيب : بأنهم لما كانوا متعبدين بتفاصيلها داخلين تحت أحكامها كانت أيضاً منزلة إليهم كما أنّ القرآن منزل إلينا { وما أوتي موسى } من التوراة { و } ما أوتي { عيسى } من الإنجيل .

فإن قيل : لم أفرد التوراة والإنجيل بحكم أبلغ وهو الإيتاء ؛ لأنه أبلغ من الإنزال لكونه مقصوداً منه ولم يقل والأسباط وموسى وعيسى أجيب : بأنّ أمرهما بالإضافة إلى موسى وعيسى مغاير لما سبق والنزاع وقع فيهما فلهذا أفردا بالذكر { وما أوتي } أي : أعطى { النبيون } أي : المذكورون { من ربهم } من الكتب والآيات ، وقرأ نافع بالهمزة ، والباقون بالياء ، ولورش في الهمز المدّ والتوسط والقصر { لا نفرق بين أحد منهم } كاليهود والنصارى فنؤمن ببعض ونكفر ببعض بل نؤمن بجميعهم .

فإن قيل : كيف صح إضافة بين إلى أحد وهو مفرد ؟ أجيب : بأنه في معنى الجماعة وعلله السعد التفتازاني بأنه اسم لمن يصلح أن يخاطب يستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث قال : ويشترط أن يكون استعماله مع كلمة كل أو في كلام غير موجب { ونحن له } أي : لله

{ مسلمون } أي : مذعنون أي : مخلصون .

روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ) الآية .