السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَتَبۡنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ءَايَةٗ تَعۡبَثُونَ} (128)

ولما فرغ من دعائهم إلى الإيمان أتبعه إنكار بعض ما هم عليه لأنّ حالهم حال الناسي لذلك الطوفان الذي أهلك الحيوان وأهدم البنيان بقوله لهم : { أتبنون بكل ريع } جمع ريعة وهو في اللغة المكان المرتفع ، ومنه قولهم : كم ريع أرضك وهو ارتفاعها ، وقال ابن عباس : الريع كل شرف ، وقال مجاهد : هو الفج بين الجبلين ، وقال الضحاك : هو كل طريق { آية } أي : علامة على شدتكم لأنه لو كان لهداية أو نحوها لكفى بعض ذلك ولكنكم { تعبثون } بمن يمرّ في الطريق إلى هود عليه السلام وتسخرون منه ، والجملة حال من ضمير تبنون ، وقيل : كانوا يبنون الأماكن المرتفعة ليعرف بذلك غناهم فنهوا عن ذلك ونسبوا إلى العبث ، وقال سعيد بن جبير : هي بروج الحمام لأنهم كانوا يلعبون بالحمام .