السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقِيلَ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ لَوۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ يَهۡتَدُونَ} (64)

ولما لم يلتفت إلى هذا الكلام منهم بل عدّ عدماً لأنه لا طائل تحته أشير إلى الإعراض عنه لأنه لا يستحق جواباً كما قيل رب قول جوابه السكوت ، بقوله تعالى : { وقيل } أي : ثانياً للأتباع تهكماً بهم وإظهاراً لعجزهم الملزوم لتحيرهم وعظم تأسفهم وذكر ذلك بصيغة المجهول للاستهانة بهم وأنهم من الذل والصغار بحيث يجيبون كل آمر كائناً من كان { ادعوا } أي : كلكم { شركاءكم } أي : الذين ادعيتم جهلاً شركتهم ليدفعوا عنكم العذاب { فدعوهم } تعللاً بما لا يغني وتمسكاً بما يتحقق أنه لا يجدي لفرط الغلبة واستيلاء الحيرة والدهشة { فلم يستجيبوا لهم } أي : لم يجيبوهم لعجزهم عن الإجابة والنصرة ، قال ابن عادل : والأقرب أنّ هذا على سبيل التقريع لأنهم يعلمون أنه لا فائدة في دعائهم { ورأوا } أي : هم { العذاب } عالمين بأنه مواقعهم لا مانع له عنهم فكان الحال حينئذ مقتضياً لأن يقال من كل من يهواهم { لو أنهم كانوا يهتدون } أي : تحصل منهم هداية ساعة من الدهر تأسفاً على أمرهم وتمنياً لخلاصهم ولو أن ذلك كان في طاقتهم وجواب لو محذوف أي : لنجوا من العذاب ولما رأوه أصلاً ، قال الضحاك ومقاتل : يعني المتبوع والتابع يرون العذاب ولو أنهم كانوا يهتدون في الدنيا ما أبصروه في الآخرة .