السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَصۡبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوۡاْ مَكَانَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَقُولُونَ وَيۡكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦ وَيَقۡدِرُۖ لَوۡلَآ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡنَا لَخَسَفَ بِنَاۖ وَيۡكَأَنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (82)

ولما خسف به واستبصر الجهال الذين هم كالبهائم لا يرون إلا المحسوسات ذكر حالهم بقوله : { وأصبح } أي : وصار ولكنه ذكره لمقابلة المساء { الذين تمنوا } أي : أرادوا إرادة عظيمة بغاية الشفقة أن يكونوا { مكانه } أي : تكون حاله ومنزلته في الدنيا لهم { بالأمس } أي : الزمان الماضي القريب وإن لم يكن يلي يومهم الذي هم فيه فالأمس قد يذكر ولا يراد به اليوم الذي قبل يومك ولكن الوقت المستقرب على طريق الاستعارة { يقولون ويكأنّ الله يبسط } أي : يوسع { الرزق لمن يشاء من عباده } بحسب مشيئته وحكمته لا لكرامته عليه { ويقدر } أي : يضيق على من يشاء لا لهوان من يضيق عليه بل لحكمته وقضائه ابتلاء منه وفتنة و«وي » اسم فعل بمعنى أعجب أي : أتى والكاف بمعنى اللام ، وهذه الكلمة والتي بعدها متصلة بإجماع المصاحف .

واختلف القراء في الوقف فالكسائي وقف على الياء قبل الكاف ، ووقف أبو عمرو على الكاف ، ووقف الباقون على النون وعلى الهاء ، وحمزة يسهل الهمزة في الوقف على أصله ، وأما الوصل فلا خلاف فيه بينهم ولما لاح لهم من واقعته أن الرزق إنما هو بيد الله اتبعوه ما دل على أنهم اعتقدوا أيضاً أن الله قادر على ما يريد من غير الرزق كما هو قادر على الرزق من قولهم { لولا أن منّ الله } أي : تفضل الملك الأعظم { علينا } بجوده ولم يعطنا ما تمنيناه من الكنوز على مثل حاله { لخسف بنا } مثل ما خسف به { ويكأنه لا يفلح الكافرون } لنعمة الله تعالى كقارون والمكذبين لرسله وبما وعد لهم من ثواب الآخرة .