السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّلۡمُحۡسِنِينَ} (3)

وقوله تعالى : { هدى ورحمة } بالرفع وهي قراءة حمزة خبر مبتدأ مضمر هي أو هو ، وقرأ الباقون بالنصب على الحال من آيات والعامل ما في اسم الإشارة من معنى الفعل . وقال تعالى { للمحسنين } إشارة إلى أنّ رحمة الله قريب من المحسنين فإنه تعالى قال في البقرة : { ذلك الكتاب } ( البقرة : 2 ) ولم يقل الحكيم وههنا قال : الحكيم ؛ لأنه لما زاد ذكر وصف في الكتاب زاد ذكراً من أحواله فقال { هدى ورحمة } وقال هناك { هدى للمتقين } ( البقرة : 2 ) فقوله تعالى هدى في مقابلة قوله تعالى الكتاب ، وقوله تعالى : ورحمة في مقابلة قوله تعالى : الحكيم ، ووصف الكتاب بالحكيم على معنى ذي الحكمة كقوله تعالى { في عيشة راضية } ( الحاقة : 21 ) أي : ذات رضا . وقوله تعالى هناك : للمتقين وقوله تعالى هنا للمحسنين لأنه لما ذكر أنه هدى ولم يذكر شيئاً آخر قال للمتقين أي : يهدي به من يتقي الشرك والعناد ، وههنا زاد قوله تعالى ورحمة فقال للمحسنين كما قال تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ( يونس : 26 ) فناسب زيادة قوله تعالى ورحمة ولأنّ المحسن يتقي وزيادة .