ولما ختم بصفتي العزة وهي غاية القدرة و الحكمة وهي ثمرة العلم دل عليهما بإتقان أفعاله بقوله تعالى : { خلق السماوات } على علوّها وكبرها وضخامتها { بغير عمد } وقوله تعالى { ترونها } فيه وجهان : أحدهما : أنه راجع إلى السماوات إذ ليست بعمد أصلاً وأنتم ترونها كذلك بغير عمد ، الثاني : أنه راجع إلى العمد ومعناه بغير عمد مرئية ، وعلى كلا الوجهين هي ثابتة لا تزول وليس ذلك إلا بقدرة قادر مختار . تنبيه : أكثر المفسرين أنّ السماوات مبسوطة كصحف مستوية لقوله تعالى { يوم نطوي السماء كطيّ السّجلّ للكتب } ( الأنبياء : 104 ) وقال بعضهم : إنها مستديرة وهو قول جميع المهندسين والغزالي رحمه الله تعالى حيث قال : ونحن نوافقهم في ذلك فإنّ لهم عليّ دليلاً من المحسوسات ومخالفة الحس لا تجوز ، وإن كان في الباب خبر يؤّول بما يحتمله فضلاً عن أن ليس في القرآن والخبر ما يدل على ذلك صريحاً بل فيه ما يدل على الاستدارة كقوله تعالى { كل في فلك يسبحون } ( الأنبياء : 33 ) والفلك اسم لشيء مستدير بل الواجب أنّ السماوات سواء كانت مستديرة أو صفيحة مستقيمة هي مخلوقة لله تعالى باختيار لا بإيجاب وطبع .
ولما ذكر تعالى العمد المقلة ذكر الأوتاد المقرّة بقوله تعالى : { وألقى في الأرض } أي : التي أنتم عليها جبالاً { رواسي } والعجب أنها من فوقها وجميع الرواسي التي تعرفونها تكون من تحت تثبتها عن { أن تميد } أي : تتحرك { بكم } كما هو شأن ما على ظهر الماء { وبث } أي : فرّق { فيها من كل دابة } .
وقوله تعالى : { وأنزلنا } أي : بما لنا من القوّة { من السما ماء } فيه التفات عن الغيبة . ولما تسبب عن ذلك تدبير الأقوات وكان من آثار الحكمة التابعة للعلم دل عليه بقوله تعالى : { فأنبتنا } أي : بما لنا من العلوّ في الحكمة { فيها } أي : الأرض بخلط الماء بترابها { من كل زوج } أي : صنف من النبات متشابه { كريم } بما له من البهجة والنضرة الجالبة للسرور ، وفي هذا دليل على عزته التي هي كمال القدرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.