السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِي قَوۡمِهِۦ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَيۡسَ لِي مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَٰرُ تَجۡرِي مِن تَحۡتِيٓۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ} (51)

{ ونادى فرعون } أي : زيادة على نكثه { في قومه } أي : الذين هم في غاية القيام معه وأمر كلاً منهم أن يشيع قوله إشاعة تعم البعيد والقريب فتكون كأنها مناداة إعلاماً بأنه مستمر على الكفر لئلا يظن بعضهم أنه رجع فيرجعون .

ولما كان كأنه قيل : بم نادى أجاب بقوله : { قال } أي : خوفاً من إيمان القبط لما رأى من أن ما شاهدوه من باهر الآيات مثله يزلزل ويأخذ القلوب { يا قوم } مستعطفاً بإعلامهم أنهم لحمة واحدة ومستنهضاً بوصفهم بأنهم ذو قوة على ما يحاوله مقرراً لهم على عذره في نكثه بقوله : { أليس لي } أي : وحدي { ملك مصر } أي : كله فلا اعتراض علي من بني إسرائيل ولا غيرهم { وهذه } أي : والحال أن هذه { الأنهار } أي : أنهار النيل قال البيضاوي : ومعظمها أربعة : نهر الملك ونهر طولون ونهر دمياط ونهر تنيس ، وقال البقاعي : كأنه كان قد أكثر من تشقيق الخلجان إلى بساتينه وقصوره ونحو ذلك من أموره فقال : { تجري من تحتي } أي : تحت قصري أو أمري أو بين يدي في جناني وزاد في التقرير بقوله : { أفلا تبصرون } أي : هذا الذي ذكرته لكم فتعلموا ببصائر قلوبكم أنه لا ينبغي لأحد أن ينازعني ، وهذا لعمري قول من ضعفت قواه وانحلت عراه .