السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ أَوۡسَطُهُمۡ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ لَوۡلَا تُسَبِّحُونَ} (28)

{ قال : أوسطهم } أي : رأياً وعقلاً وسناً وفضلاً منكراً عليهم { ألم أقل لكم } أي : ما فعلتموه لا ينبغي وإن الله تعالى بالمرصاد لمن غير ما في نفسه وحاد { لولا } أي : هلا ولم لا { تسبحون } أي : تستثنون ، فكان استثناؤهم تسبيحاً ، قال مجاهد وغيره : وهذا يدل على أن هذا الأوسط كان يأمرهم بالاستثناء فلم يطيعوه . قال أبو صالح : كان استثناؤهم سبحان الله ، فقال لهم : هلا تسبحون الله ، أي : تقولون سبحان الله وتشكرونه على ما أعطاكم . وقال النحاس : أصل التسبيح التنزيه للّه عز وجل ، فجعل مجاهد التسبيح في موضع إن شاء الله لأن المعنى : تنزيه الله أن يكون شيء إلا بمشيئته . وقال الرازي : التسبيح عبارة عن تنزيهه عن كل سوء ، فلو دخل شيء في الوجود على خلاف إرادة الله تعالى لنسب النقص إلى قدرة الله تعالى ، فقولك : إن شاء الله يزيل هذا النقص فكان ذلك تسبيحاً ، وقيل : المعنى هلا تستغفرونه من فعلكم وتتوبون إليه من خبث نيتكم ، قيل : إن القوم لما عزموا على منع الزكاة فاغتروا بالمال والقوة ، قال لهم أوسطهم : توبوا عن هذه المعصية قبل نزول العذاب ، فلما رأوا العذاب ذكرهم أوسطهم كلامه الأول وقال : { ألم أقل لكم لولا تسبحون } فحينئذ اشتغلوا بالتوبة بأن .