السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبۡدِلَنَا خَيۡرٗا مِّنۡهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَٰغِبُونَ} (32)

ثم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا { عسى ربنا } أي : الذي أحسن إلينا بتربية هذه الجنة وإهلاك ثمرها الآن تأديباً لنا { أن يبدلنا } من جنتنا شيئاً { خيراً منها } يقيم لنا أمر معايشنا فتنقلب أحوالنا هذه التي نحن فيها من الهموم والبذاذة بسرور ولذاذة ، وقرأ نافع وأبو عمرو بفتح الباء الموحدة وتشديد الدال والباقون بسكون الموحدة وتخفيف الدال { إنا إلى ربنا } أي : المحسن إلينا والمربي لنا بالإيجاد ، ثم الإبقاء خاصة لا إلى غيره { راغبون } أي : ثابتة رغبتنا ورجاؤنا الخير والإكرام . وقد قيل : إن الله تعالى قبل رجوعهم وأخلف عليهم فأبدلهم جنة يقال لها الحيوان ، كان القطف الواحد منها يحمله وحده من كبره البغل ، رواه البغوي عن ابن مسعود ، وقال أبو خالد اليماني : دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم ، وقال الحسن : قول أهل الجنة { إنا إلى ربنا راغبون } لا أدري إيماناً كان ذلك منهم أو على حدّ ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة فتوقف في كونهم مؤمنين ، وسئل قتادة عن أصحاب الجنة أهم من أهل الجنة أم من أهل النار ؟ قال : لقد كلفتني تعباً ، والأكثرون يقولون : إنهم تابوا وأخلصوا حكاه القشيري .