{ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } أي : من جميع الجهات الأربع ولذلك لم يقل من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ولا يستطيع أن يأتي من فوقهم لئلا يحول بين العبد وبين رحمة ربه ، وقيل : لم يقل من تحتهم لأنّ الإتيان منه يوحش ، وعنه إنه قال : من بين أيديهم من قبل الآخرة فيخبرهم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ، ومن خلفهم من قبل الدنيا فيزينها ، لهم وعن أيمانهم أي : من قبل حسناتهم أي : فيبطئهم ، عنها ، وعن شمائلهم من قبل سيئاتهم أي : فيزين لهم المعاصي يدعوهم إليها . وإنما عدى الفعل إلى الأوّلين بحرف الابتداء لأنه منهما متوجه إليهم وإلى الآخرين بحرف المجاوزة فإنّ الآتي منهما كالمنحرف عنهم المارّ على عروضهم ونظيره قوله : جلست عن يمينه وعن شقيق ما من صباح إلا قعد لي الشيطان على أربع مراصد من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي أمّا من بين يدي فيقول : لا تخف إنّ الله غفور رحيم فأقرأ { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى } ( طه ، 82 ) ، وأمّا من خلفي فيخوفني الضيعة على من خلفي فأقرأ : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } ( هود ، 6 ) ، وأمّا من قبل يميني فيأتيني من قبل النساء فأقرأ : { والعاقبة للمتقين } ( القصص ، 83 ) ، وأمّا من قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات فأقرأ : { وحيل بينهم وبين ما يشتهون } ( سبأ ، 54 )
{ ولا تجد أكثرهم شاكرين } أي : مطيعين .
فإن قيل : كيف علم الخبيث ذلك ؟ أجيب : بأنه إنما قال ذلك ظناً لقوله تعالى : { ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه } ( سبأ ، 20 ) لما رأى فيهم مبدأ الشرّ متعدّداً وهو الشيطان والنفس والهوى ومبدأ الخير واحداً وهو الملك الملهم ، وقيل : سمع ذلك من الملائكة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.