السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{خِتَٰمُهُۥ مِسۡكٞۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ} (26)

{ ختامه مسك } أي : آخر شربه يفوح منه مسك ، فالمختوم الذي له ختام ، أي : آخر شربه ، وختم كل شيء الفراغ منه . وقال قتادة : يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك . وقال ابن زيد : ختامه عند الله مسك . وقيل : طينه مسك . وقيل : تختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك مكان الطينة .

{ وفي ذلك } أي : الأمر العظيم البعيد التناول ، وهو العيش والنعيم أو الشراب الذي هذا وصفه { فليتنافس } أي : فليرغب غاية الرغبة بجميع الجهد والاختيار { المتنافسون } أي : الذين من شأنهم المنافسة ، وهو أن يطلب كل منهم أن يكون ذلك المتنافس فيه لنفسه خاصة دون غيره ؛ لأنه نفيس جداً ، والنفيس هو الذي تحرص عليه نفوس الناس وتتغالى فيه ، والمنافسة في مثل هذا بكثرة الأعمال الصالحة والنيات الخالصة .

وقال مجاهد : فليعمل العاملون نظيره قوله تعالى : { لمثل هذا فليعمل العاملون } [ الصافات : 61 ] وقال مقاتل بن سليمان : فليسارع المتسارعون . وقال عطاء : فليستبق المستبقون . وقال الزمخشري : فليرتقب المرتقبون . والمعنى : واحد . وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس ويريده كل أحد لنفسه ، وينفس فيه على غيره أي : يضنّ .