السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّهُۥ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَأَنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدٗا فِيهَاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡخِزۡيُ ٱلۡعَظِيمُ} (63)

{ ألم يعلموا } قال أهل المعاني : هذا خطاب لمن علم شيئاً ثم نسيه وتركه فيقال له : ألم تعلم أنه كان كذا وكذا ولما طال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهر المؤمنين والمنافقين وعلمهم من أحكام الدين ما يحتاجون إليه خاطب المنافقين بقوله تعالى : { ألم يعلموا } أنّ من شرائع الدين التي علمهم رسولنا { أنه } أي : الشأن { من يحادد الله } أي : من يخالف الله { ورسوله } وأصل المحادّة في اللغة المخالفة والمجانبة والمعاداة واشتقاقه من الحدّ يقال : حادّ فلان فلاناً أي : صار في حدّ غير حدّه ، كقولك شاقه أي : صار في شق غير شقه ، ومعنى { يحادد الله } أي : يصير في حدّ غير حدّ أولياء الله تعالى بالمخالفة وقوله تعالى : { فأنّ له نار جهنم } أي : على حذف الخبر أي : فحق أنّ له نار جهنم لأنّ الفاء واقعة في جواب الشرط فتقتضي جملة و{ فأنّ له نار جهنم } مفرد في موضع رفع بالابتداء وقدر خبره مقدماً لأنّ أنّ لا يبتدأ بها قال الرازي أو أنّ معناه فله نار جهنم وأنّ تكررت للتوكيد واعترض بأنّ فيه الفصل بين المؤكد والمؤكد بأجنبي ثم قال أو جواب من محذوف والتقدير ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يهلك فأنّ له نار جهنم { خالداً فيها } أي : دائماً من غير انقضاء كما كانت نيته المحادة أبداً ، ثم نبه على عظم هذا الجزاء بقوله تعالى : { ذلك } أي : الأمر البعيد الوصف العظيم الشأن { الخزي العظيم } أي : الهلاك الدائم .