فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّهُۥ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَأَنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدٗا فِيهَاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡخِزۡيُ ٱلۡعَظِيمُ} (63)

{ ألم يعلموا } أي أولئك المنافقون والاستفهام للتوبيخ على ما أقدموا عليه من الجريمة العظيمة مع علمهم بسوء عاقبتها ، أي ألم يعلموا بما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فنون القوارع والإنذارات ، وقرئ بالتاء على الالتفات لزيادة التقريع والتوبيخ .

قال الخازن : قال أهل المعاني : ألم تعلم خطاب لمن علم شيئا ثم نسيه أو أنكره فيقال له ألم تعلم أنه كان كذا وكذا ، ولما طال مكث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهر المؤمنين والمنافقين وعلمهم من أحكام الدين ما يحتاجون إليه خاطب المنافقين بقوله : ألم تعلموا ، يعني من شرائع الدين التي علمهم رسولنا .

{ أنه من يحادد الله } أي يخالفه { و } يخاصم { رسوله } وأصل المحاددة في اللغة وقوع هذا في حد وذلك في حد كالمشاققة ، يقال حاد فلان فلانا أي صار في حد غير حده ، وكأن كل واحد من المتخاصمين صار في محل غير محل صاحبه { فإن له } أي فحق أن له .

وقال الأخفش : المعنى فوجوب النار له ، وأنكره المبرد وقال هذا خطأ . { نار جهنم } جزاء { خالدا فيها } على الدوام { ذلك } أي ما ذكر من العذاب { الخزي العظيم } أي البالغ إلى الغاية التي لا يبلغ إليها غيره وهو الذل والهوان .