السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ} (65)

{ ولئن } اللام لام القسم { سألتهم } أي : المنافقين عن استهزائهم بك والقرآن وهم سائرون معك إلى تبوك { ليقولنّ } معتذرين { إنما كنا نخوض ونلعب } في الحديث لنقطع به الطريق ولم نقصد ذلك ، قال قتادة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يسير في غزوة تبوك وبين يديه ثلاثة نفر من المنافقين اثنان يستهزئان بالنبيّ صلى الله عليه وسلم والقرآن والثالث يضحك قيل : كانوا يقولون : إنّ محمداً يغلب الروم ويفتح مدائنهم ما أبعده من ذلك وقيل : كانوا يقولون : إنّ محمداً يزعم أنه نزل في أصحابنا المقيمين بالمدينة قرآن وإنما هو قوله وكلامه فأطلع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال : ( احبسوا الركب عليّ فدعاهم وقال لهم : قلتم كذا وكذا ) فقال : { إنما كنا نخوض ونلعب } أي : كنا نتحدّث ونخوض في الكلام كما يفعل الركب لنقطع الطريق بالحديث واللعب ) قال الله تعالى : { قل } يا محمد لهؤلاء المنافقين { أبالله } أي : بفرائضه وحدوده وأحكامه { وآياته } أي : القرآن وسائر ما يدل على الدين الذي لا يمكن تبديله ولا يخفى على بصير ولا بصيرة { ورسوله } محمد صلى الله عليه وسلم الذي عظمته من عظمته وهو مجتهد في إصلاحكم وتشريفكم وإعلائكم { كنتم تستهزؤون } توبيخاً وتقريعاً لهم على استهزائهم بما لا يصلح الاستهزاء به وإلزاماً للحجة عليهم ولا يعبأ باعتقادهم الكاذب .