إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَقَالُوٓاْ إِنَّمَا سُكِّرَتۡ أَبۡصَٰرُنَا بَلۡ نَحۡنُ قَوۡمٞ مَّسۡحُورُونَ} (15)

{ لَقَالُواْ } لفرط عنادِهم وغلوِّهم في المكابرة وتفاديهم عن قَبول الحق { إِنَّمَا سُكّرَتْ أبصارنا } أي سُدّت من الإحساس من السُكر كما يدل عليه القراءةُ بالتخفيف ، أو حُيِّرت كما يعضُده قراءة من قرأ سكرت أي حارت .

{ بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } قد سحَرنا محمد صلى الله عليه وسلم كما قالوه عند ظهورِ سائرِ الآياتِ الباهرة ، وفي كلمتي الحصر والإضراب دلالةٌ على أنهم يبتون القولَ بذلك ، وأن ما يرَونه لا حقيقةَ له وإنما هو أمر خُيِّل إليهم بالسحر ، وفي اسميةِ الجملة الثانيةِ دَلالةٌ على دوام مضمونِها ، وإيرادُها بعد تسكير الأبصارِ لبيان إنكارِهم لغير ما يرونه بعيونهم ، فإن عروجَ كل منهم إلى السماء وإن كان مرئياً لغيره فهو معلوم بطريق الوجدانِ مع قطع النظرِ عن الأبصار ، فهم يدعون أن ذلك نوعٌ آخرُ من السحر غيرُ تسكير الأبصار .