{ وقضى رَبُّكَ } أي أمر أمراً مُبْرماً ، وقرئ وأوصى ربُّك «ووصّى ربك » { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ } أي بأن لا تعبدوا { إِلاَّ إِيَّاهُ } على أنّ «أنْ » مصدريةٌ ولا نافيةٌ أو أي لا تعبدوا على أنها مفسرةٌ ولا ناهيةٌ لأن العبادة غايةُ التعظيمِ فلا تحِقُّ إلا لمن له غايةُ العظمة ونهايةُ الإنعام وهو كالتفصيل للسعي للآخرة { وبالوالدين } أي وبأن تُحسِنوا بهما أو وأحسنوا بهما { إحسانا } لأنهما السببُ الظاهرُ للوجود والتعيش { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكبر أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا } إما مركبةٌ من إن الشرطية وما المزيدةِ لتأكيدها ولذلك دخل الفعلَ نونُ التأكيد ، ومعنى عندك في كنفك وكفالتك وتقديمُه على المفعول مع أن حقه التأخرُ عنه للتشويق إلى وروده فإن مدارَ تضاعف الرعايةِ الإحسانُ وأحدُهما فاعل للفعل وتأخيره عن الظرف والمفعولِ لئلا يطولَ الكلامُ به وبما عُطف عليه . وقرئ يبلغان فأحدُهما بدلٌ من ضمير التثنية وكلاهما عطفٌ عليه ولا سبيل إلى جعل ( كلاهما ) تأكيداً للضمير ، وتوحيدُ ضمير الخطاب في عندك وفيما بعده مع أن ما سبق على الجمع للاحتراز عن التباس المرادِ فإن المقصودَ نهيُ كلِّ أحد عن تأفيف والديه ونهْرِهما ، ولو قوبل الجمعُ بالجمع أو بالتثنية لم يحصل هذا المرام { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا } أي لواحد منهما حالتي الانفراد والاجتماع { أُفّ } وهو صوتٌ ينبئ عن تضجر ، أو اسمُ فعلٍ هو أتضجر ، وقرئ بالكسر بلا تنوين وبالفتح والضم منوناً وغيرَ مُنوّن أي لا تتضجرْ بهما تستقذرُ منهما وتستثقل من مُؤَنهما وبهذا النهي يُفهم النهيُ عن سائر ما يؤذيهما بدلالة النصِّ ، وقد خُص بالذكر بعضُه إظهاراً للاعتناء بشأنه فقيل : { وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } أي لا تزجُرهما عما لا يعجبك بإغلاظ ، قيل : النهيُ والنهرُ والنهْمُ أخواتٌ { وَقُل لَّهُمَا } بدلَ التأفيف والنهر { قَوْلاً كَرِيمًا } ذا كرمِ أو هو وصفٌ له بوصف صاحبِه أي قولاً صادراً عن كرم ولطفٍ ، وهو القولُ الجميلُ الذي يقتضيه حسنُ الأدب ويستدعيه النزولُ على المروءة مثلُ أن يقول : يا أباه ويا أماه ، كدأب إبراهيمَ عليه السلام إذ قال لأبيه : يا أبتِ مع ما به من الكفر ، ولا يدعوهما بأسمائهما فإنه من الجفاء وسوءِ الأدب وديدنُ الدُعّار . وسئل الفضيلُ بنُ عياض عن بر الوالدين فقال : أن لا تقوم إلى خدمتهما عن كسل ، وقيل : أن لا ترفعَ صوتَك عليهما ولا تنظُرَ إليهما شزْراً ولا يَرَيا منك مخالفةً في ظاهر ولا باطن وأن تترحّم عليهما ما عاشا وتدعوَ لهما إذا ماتا وتقومَ بخدمة أوِدّائِهما من بعدهما ، فعن النبي عليه الصلاة والسلام : " إنَّ مِنْ أَبَرِّ البِرِّ أنْ يصلَ الرجلُ أهلَ ودِّ أبيه " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.