إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِذۡ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ ٱلۡأَسۡبَابُ} (166)

{ إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا } بدلٌ من ( إذ يرون ) أي إذ تبرأ الرؤساء { مِنَ الذين اتبعوا } من الأتْباع بأن اعترفوا ببطلان ما كانوا يدّعونه في الدنيا ويدْعونهم إليه من فنون الكفر والضلالِ واعتزلوا عن مخالطتهم وقابلوهم باللعن كقول إبليس : { إِنّي كَفَرْتُ بِمَا أشركتموني مِن قَبْلُ } [ إبراهيم ، الآية 22 ] وقرئ بالعكس أي تبرأ الأتْباعُ من الرؤساء والواو في قوله عز وجل : { وَرَأَوُاْ العذاب } حالية وقد مضمرةٌ ، وقيل : عاطفةٌ على ( تبرأ ) والضمير في رأوا للموصوفين جميعاً { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسباب } الوصلةُ التي كانت بينهم من التبعية والمتبوعيةِ والاتّفاقِ على الملة الزائغةِ والأغراضِ الداعيةِ إلى ذلك ، وأصلُ السبب الحبلُ الذي يرتقى به الشجرُ ونحوُه ، والجملةُ معطوفةٌ على ( تبرأ ) وتوسيطُ الحال بينهما للتنبيه على علة التبرّي ، وقد جُوّز عطفُها على الجملة الحالية .