فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذۡ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَ وَتَقَطَّعَتۡ بِهِمُ ٱلۡأَسۡبَابُ} (166)

{ إذا تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ، وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ، يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين } .

{ إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب } أي تنزه وتباعد معناه أن السادة والرؤساء من مشركي الإنس تبرؤوا ممن اتبعهم على الكفر ورأوا يعني التابعين والمتبوعين العذاب ، قيل عند المعاينة في الدنيا وقيل العرض والمساءلة في الآخرة ، ويمكن أن يقال فيهما جميعا إذ لا مانع من ذلك ، وقيل هم الشياطين يتبرؤون من الإنس وبه قال قتادة ، والقول هو الأول وقد احتج جمع من أهل العلم بهذه الآية على ذم التقليد وهو مذكور في موطنه { وتقطعت بهم } أي عنهم { الأسباب } بسبب كفرهم جمع سبب ، وأصله في اللغة الحبل الذي يشد به الشيء ويجذب به ، ثم جعل كل ما جر شيئا سببا فهي مجاز هنا ، والمراد بها الوصل التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا من الرحمة وغيرها وقيل هي الأعمال وقال ابن عباس ، هي المنازل ، وقال أيضا : هي الأرحام وقال المودة وقيل العهود والحلف .