إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِذۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰٓ} (38)

وقوله تعالى : { إِذْ أَوْحَيْنَا إلى أُمّكَ مَا يوحى } ظرفٌ لمننّا والمرادُ بالإيحاء إما الإيحاءُ على لسان نبيَ في وقتها كقوله تعالى : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين } الآية ، وإما الإيحاءُ بواسطة الملَك لا على وجه النبّوة كما أوحيَ إلى مريم ، وإما الإلهامُ كما قي قوله تعالى : { وأوحى رَبُّكَ إلى النحل } وإما الإراءةُ في المنام والمرادُ بما يوحى ما سيأتي من الأمر بقذفه في التابوت وقذْفِه في البحر ، أُبهم أولاً تهويلاً له وتفخيماً لشأنه ثم فُسّر ليكون أقرَّ عند النفسِ ، وقيل : معناه ما ينبغي أن يوحى ولا يُخَلَّ به لعِظم شأنه وفرْطِ الاهتمام به ، وقيل : ما لا يُعلم إلا بالوحي وفيه أنه لا يلائم المعنيين الأخيرين للوحي إذ لا تفخيمَ لشأنه في أن يكون مما لا يُعلم إلا بالإلهام أو بالإراءة في المنام .